السبت، 18 يونيو 2011

كلاكيت أول مرة: حملة التدوين اليومي


قررت أن أمسك بزمام أفكاري وأبدأ حملة تدوين يومي لمدة ثلاثين يوماً، وقد استوحيت الفكرة من أحمد الفقي، زميلي في مجلة (كلمتنا)، الذي يدون كل يوم في مدونته Un Journlaiste كجزء من حملة تدوين يومية أطلقتها مجموعة من المدونين في بداية شهر يونيو، وشجعتني على الفكرة صديقتي العزيزة سارة.
ولأني لا أعرف كيف ستكون أيامي حتى الثامن عشر من الشهر المقبل، فلا أعرف كيف سيكون شكل هذه الكتابات، غير أني أستطيع القول أنها لن تكون سياسية، ليس فقط لأني لم أبدأ فعلياً متابعة دنيا السياسة إلا مع الصخب السياسي الذي اجتاح حياتنا بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، ومازالت أفكاري تتحسس خطاها فيه، ولكن أيضاً لأني أعتقد أنه يكفينا ما نتعرض له كل يوم من تحليلات ومناقشات ومقالات وفيديوهات على (اليوتيوب) وأسئلة على (الفيس بوك)، ورغم أن هذا كله مهم، لكني لا أظن أننا ننتظر أفكار ريم السياسية التي مازالت تتكون، ومن قال لا أدري فقد أفتى.
لكني أستطيع أن اقول أني قد أكتب مرة عن شيء شاهدته في الشارع، ثم عن أمر استوقفني في دنيا الإعلام، ثم عن حديث مع شخص لم أكن لأقابله، وربما أكتب عن كتاب، أو فن جديد.. حتى أكمل الثلاثين يوماً وأنجح في مهمة الاستمرار في الكتابة.. فهذا الأمر هو حلم يراودني منذ كنت في الصف الأول الثانوي.. كنت ما أزال في أيرلندا، وكان يُسمح لنا بالخروج من المدرسة وقت "الفسحة" لأن مدرستنا كانت صغيرة وتقع في وسط المدينة، فكان الكثير من الفتيات يخرجن لتناول الغداء، وبما أني لم أستطع تكوين صداقات فكنت كثيراً ما أقطع الشارع وأدخل المكتبة العامة أقضي بها حوالي نصف الساعة، وفي يوم تناولت كتاباً اسمه "كيف تكتب القصة" وعندما جلست لأقرأه في غرفتي في البيت توقفت عند صفحات بها حكايات الكتاب المشهورين مع الكتابة، وكانت من بينهم جي كي رولينج، صاحبة سلسلة (هاري بوتر) الشهيرة، وجاكلين ويلسون، كاتبة الأطفال الإنجليزية، التي تعرفت على قصصها عندما سافرت إلى أيرلندا لأول مرة وأنا في العاشرة من عمري، فأسرت خيالي كله، والتهمتُ كل ما كتبت، وكل ما كان يصدر لها من كتب جديدة، ولم أكن لأشبع من حكاياتها أبداً، بل أذكر أننا الفتيات في الصف (كانت أغلب المدارس في أيرلندا غير مختلطة) كنا نتسابق للحصول على كتاب جاكلين ويلسون الجديد الذي ينضم إلى المكتبة، وكان حظها الأسوأ تلك التي استعارت كتاباً قبل وصول الكتاب الجديد مباشرة، فلن تسمح لها المعلمة بإعادته للمكتبة لأنها بالتأكيد لم تقرأه، والمحظوظة بالطبع هي من قاربت على إنهاء الكتاب الذي كان بحوزتها، فتنهيه سريعاً وتأتي صباح اليوم التالي تستبدل الكتاب المقروء بكتاب ويلسون بمجرد أن تدخل المعلمة إلى الصف، وتكون هي أول من تمر على حروف هذا الكتاب الساحر (وساعات تبقى رخمة وتقعد كتير تقراه، قال يعني بقى بتتمعن - وتغيظنا..)
عندما رأيت صورة جاكلين ويلسون لأول مرة في كتاب كيفية كتابة القصص تفاجأت جداً، تماماً مثلما تفاجأت عندما رأيت أبلى فضيلة لأول مرة، ولم أقتنع بها واحتفظت دائماً بالصورة التي رسمتها لها في مخيلتي منذ الطفولة، وظهرت لي ويلسون فرأيت سيدة كبيرة السن ذات شعر قصير أبيض، ووجه ظهر فيه مرور الزمن بين كرمشة في الجبهة وحول العين، ترتدي قميصاً أسوداً غير مميز، وتضع خواتماً كبيرة ملونة في أغلب أصابع يديها.. ولكنها كانت تبتسم وفي عينيها - خلف النظارات الدائرية - شغف لامع، ذكاء خفي، وطفولة ضاحكة.. وتحت الصورة قرأت أنها كانت تكتب كل يوم، حتى وإن لم تجد ما تكتب عنه، تكتب أي شيء، وكانت تحدد لنفسها عدد كلمات معين، وليكن 400، وتعزم على الكتابة كل يوم بغض النظر عما تنتجه، وبغض النظر عن وجود فكرة جذابة أو لا، أو توفر الرغبة من عدمها، قائلة أنها قد لا تشعر بأهمية ذلك اليوم ولكنها بالتأكيد ستجني ثماره في المستقبل. 
ومؤخراً قرأت حديثاً للكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي فوجدتها تقول – وهي تفضل تسمية نفسها أكثر بالحكاءة بدلاً من الأديبة أوالكاتبة – أنها كانت تحكي لأحد أطفالها حكاية كل يوم، وكانت كثيراً ما تضطر لتأليف الحكاية، فكان ذلك يومياً يغذي خيالها وأفكارها، ويطور تفاصيل الحكاية وكيفية سردها على مر الوقت.
وبسبب كل هذا قررت أن أكتب يومياً (وأن أنشر ما أكتب في مدونتي لأستفيد من التعليقات المختلفة)، فأظن أني لن أتراجع عن مهنة الكتابة بعد كل هذه الأعوام من الاستمرار في رغبة تحقيقها (إلا إذا حدث شيء وأعدت إكتشاف نفسي من جديد.. وربما حتى حينها لن أستطيع التخلي تماماً عن الكتابة)

وتوكلنا على الله نبدأ الـ 30 يوم..    

ملحوظة: لم يطاوعني قلبي أن انهي كلامي دون أن أذكر كاتب الأطفال الأيرلندي الرائع رولد داهل، فقد تحدثت كثيراً عن جاكلين ويلسون لأنها كانت الأقرب إلى قلبي، ولكن رولد داهل كان رائع أيضاً، وقد وجدت كتبه في مكتبات الشروق في مصر.. من أشهر ما كتب "جيمز وحبة الخوخ الضخمة"، "ماتيلدا"، "تشارلي ومصنع الشوكولاتة"، "العملاق الكبير الودود The Big Friendly Giant" وغيرها من الحكايات.

ملحوظة 2: لم يطاوعني قلبي مرة أخرى بعد الحديث عن رولد داهل ألا أذكر الكتاب الذي أصدرته دار الشروق مؤخراً تحت عنوان (ديوان شوقي للناشئة) لأمير الشعراء أحمد شوقي، هو ديوان جميل حقاً به الكثير من قصص الأطفال المكتوبة كلها بالأبيات الشعرية، بعضها مضحك، وبعضها يحمل حكمة أو درس، ومنها الكثير الذكي جداً، والذي يعمل على فكر وخيال القارئ، ويعطيه المتعة والإبتسامة.

ملحوظة3: ربما يجدر بي القراءة عن أدب الأطفال والكتابة عنه!

هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

مقال جميل يا ريم
شكرا ليكي الهمتني على فكرة،اناكمان بحاجة للكتابة بشكل يومي هحاول اشارككم
مروة عوض

شيماء الجمال يقول...

عزيزتي : مقال ممتع ومفيد ومشوق :)
انت جميلة
GO ON
انا أيضاً مركزة في ادب الاطفال حالياً

غير معرف يقول...

مروة
شكراً يا مروة، في إنتظار تدويناتك اليومية :)

شيماء
أنتِ الأجمل دائماَ!

Ahmed Elfeky يقول...

أه على فكره بجد .. أقرى عن ادب الأطفال واكتبى عنه
:D

[دايه موفقه وربنا معاكى لاخر الشهر أن شاء الله

غير معرف يقول...

شكراً يا أحمد
هنشوف موضوع أدب الطفل ده :)