الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

كل الأدلة ضدها.. فهي مثقفة وموهوبة وساخرة!








هذا ما قاله عنها الكاتب محمد بهجت الذي وصف رسامة الكاريكاتير الشابة رشا مهدي بـ "فنانة كاريكاتيرية مع سبق الإصرار و الترصد" و يضيف الفنان طوغان أن لدى رشا رغبة حقيقة في تقديم شيء ذي قيمة سامية للناس يحترم به عقولهم و إنسانيتهم..

تخرجت رشا في كلية الفنون الجميلة، قسم جرافيك، عام 1999. عملت كمصممة جرافيك و رسامة كاريكاتير لتظهر رسوماتها بالأهرام و كل الناس و اضحك للدنيا و هو و هي و العديد من المواقع الالكترونية. و تعد رشا أول رسامة كاريكاتير مصرية..

و لنقترب أكثر من عالمها الثري و نكتشف ما وراء ريشاتها و ألوانها كان لنا معها هذا الحوار..



ما الذي جذبك إلى فن الكاريكاتير و كيف بدأ اهتمامك به؟



من صغري أهوى الرسم و أحب الألوان و عندما دخلت كلية الفنون الجميلة زاد اهتمامي بالمجال و أصقلت موهبتي بالدراسة.



و من أكثر من تأثرت بهم في فن الكاريكاتير؟



الكثير، من بينهم أمية جحا، الرسامة الفلسطينية و التي تعتبر رائدة الرسامات في الوطن العربي، كما تأثرت بعلي فرزات الرسام السوري و محمود كحيل.



من النادر استخدامك للكلمات في رسوماتك.. لماذا ؟



أحب مدرسة "بدون تعليق" أو "المدرسة الأوروبية الشرقية" و هي الأقل شيوعاً في مصر حيث نجد كاريكاتير النكتة و الكاريكاتير الذي يحتوي على التعليق. جذبتني هذه المدرسة لأنها تعتمد على الرمز و لأن فن الكاريكاتير هو فن الرسم و الألوان و ليس الكلمات، فكلما زاد الكلام قلت جودة الرسم.. و الرسم مش محتاج ترجمة، بإمكان كل الجنسيات المختلفة الإجتماع عليه، لذلك فمدرسة بدون تعليق هي التي تشارك في مسابقات و مهرجانات لأنها تجمع الشعوب و تخاطبهم بلغة إنسانية واحدة..



هل بإمكان الرسام في رأيك تقديم حلاً لوضع معين من خلال الكاريكاتير أم هل يقتصر دوره على الإيضاح أو النقد ؟



هناك رسام قام بدراسة أتى فيها برسومات الكاريكاتير من سنة 1948 حتى اليوم و بدأ يحذف رسومات 48 و يضع مكانها الرسومات الحالية فوجدها "لايقة على بعض" فالرسوم من يومها هي نفسها التي تُعرض. فإن كان دور الرسام يتوقف على أنه يستيقظ في الصباح يقرأ الأخبار و يسخر منها فهنا خطأ كبير لأنه بالتالي يحبس فكره و يكرر نفسه، يجب أن يحاول الرسام بقدر الإمكان أن يتبنى فكرة معينة في رسوماته، يدعم مشروع أو يبدأ حملة مهمة و هكذا..



إذن حدثينا عن حملة الرسوم الكرتونية المناصرة للرسول محمد عليه الصلاة و السلام؟



عرضت هذه المبادرة في الأردن، أجلت بسبب مشاكل في التنظيم و الدعم و لكنها ستدخل طور التنفيذ قريباً. هي ليست فكرتي وحدي بل بعد ظهور الرسوم الدانماركية المسيئة أراد عدة رسامون عرب القيام بالفكرة، نريد أن ننتج رسوم تُظهر من هو محمد لأن من رسم الكاريكاتيرات المسيئة يجهل الدين الإسلامي و يجهل شخص محمد، نريد أن نبرز الجوانب السامية في رسولنا و في الإسلام.. حاولت تنفيذ هذا عبر تصوير الأحاديث النبوية الشريفة في هيئة رسومات كاريكاتير و كل فنان مشارك له طريقة معينة في الرد و التعبير، كما نحاول أيضاً إنتاج أفلام كرتونية قصيرة تُظهر القيم الإسلامية. و ننوي إن شاء الله أن نقيم معرض في الدول الأوروبية يضم هذه الأعمال.



هل كان لك معارض خاصة سابقاً ؟



أول معرض لي كان مع الرسامة السعودية هناء الحجار أقيم في الكويت تبع مؤتمر الفكر السنوي برعاية الملك فيصل آل سعود.. و كان لي معرض بساقية الصاوي يتناول المرأة العربية كما شاركت في معارض آخرى.



و ماذا عن العرض الالكتروني ؟



لي أرشيف في موقع مكتوب و على الموقع الخاص بي.. و ميزة الانترنت هي أن الرسوم تُعرض على عدد كبير جداً من الناس في كل مكان و يكون الرسام على تواصل مباشر مع المتلقي مما يساعده على التطوير و التجديد و مراعاة الجانب الآخر.



مجال الكاريكاتير هو مجال ذكوري جداً، ليس عربياً فقط و إنما عالمياً أيضاً، ما السبب وراء ذلك في رأيك؟



لا استطيع تحديد سبب معين.. المرأة بطبيعتها ساخرة و هذه روح الكاريكاتير، و لكن أظن أن مهنة الكاريكاتير لا تأخذ حقها، و لا يوجد وعي كاف بها، عندما يعمل الرسام بجريدة معينة فهو يوضع في قالب هذه الجريدة، إن كانت قومية أو معارضة مثلاً، و هذا يقيد حرية تعبيره. كنت في ملتقى الإعلاميين الشباب العرب بدورته الثانية في الأردن و وجدنا أنه يجب أن يكون الرسام نفسه صاحب المؤسسة الإعلامية ليستطيع التعبير بحرية عن وجهة نظره التي قد لا تتبع أي توجه أو فكر آخر.. فإذا كان هذا هو حال المهنة و هي مهنة ذكورية فما بالك عندما يدخلها النساء، و نحن نعيش في مجتمعات تُربينا على أن الفتاة التي تعبر عن رأيها و تنقد الأوضاع هي جريئة زيادة عن اللزوم أو "تخوِّف" و لا نعطيها فرصتها ؟



أنشأتِ أول رابطة لرسامات الكاريكاتير العرب.. حدثينا عنها ؟



حاولت أن أجمع رسامات الكاريكاتير في مصر و الدول العربية خصوصاً بعد ظهور العديد منهم مثل دعاء العدل و سماح فاروق في مصر. فأنشأت الرابطة لنستطيع التواصل سوياً و ليكون لنا كيان واحد فيعرف الناس بوجودنا و فننا، و انضم للرابطة فنانات من السعودية و المغرب و الكويت و البحرين..



أول كاريكاتير عُرض لك.. فاكراه؟



أول كاريكاتير عُرض لي كان في جريدة الأهرام سنة 2002 .. مش فاكراه قوي، لكنه كان عن الكوسا في البلد، كانت الفكرة فيه إن واحد فلاح عايز يشتغل فبيقول أنا هاخد كوسا معايا عشان الاقي شغل!



لو صورتي حال الشباب في مصر حالياً بالكاريكاتير.. ماذا يمكن أن ترسمي؟



رسمت كاريكاتير منذ فترة صورت فيه شاب رأسه عبارة عن أسهم تخرج يميناً و يساراً و في كل اتجاه و كان في حالة من الحيرة. إن لم يوجهه من هم أكبر منه و أظهروا له الصواب من الخطأ و قدموا له مثال و قدوة و حموه فسيضيع هذا الشاب، لأن في هذه الفترة يبدأ الشاب يرى كل شيء، يبحث عن الحقيقة و يبحث عن العلم و العمل و المبادئ و هذه مسئولية الكبار.. و كان هناك كاريكاتير آخر رسمت فيه شباب يرتدون "تي شيرتات و جينزات كلها جديدة و موضة" و لكن وجوههم و أجسادهم حزينة و عجوزة – الشباب حالياً طاقتهم مُعطلة، مكتومة، و لذلك فكل من في مكان مسئول و عنده ضمير يجب عليه إفادة هؤلاء الشباب و استثمار طاقاتهم المهدرة.. لأن كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته..



و ماذا عن طموحاتمك للمستقبل ؟



معرض الرسوم المناصرة للرسول من أحلامي.. كما أتمنى دوماً أن أنفع الناس بفن الكاريكاتير و استخدمه للحق و الخير..






ريم جهاد
نُشر بمجلة كلمتنا، عدد شهر أغسطس 2010



* * * * *



لزيارة موقع رشا مهدي:
http://www.rashamahdi.com



الخميس، 5 أغسطس 2010

حسام مصطفى إبراهيم: أكتب لأسترد حريتي





حسام مصطفى إبراهيم الكاتب الشاب صاحب "يوميات مدرس في الأرياف" التي نالت إقبال كبير من القراء في العام الأخير يطل علينا في هذا الحوار لنتعرف أكثر على حكاياته في الأرياف و كتاباته الأخرى التي تتنوع في مضمونها و أسلوبها من الساخر إلى النقدي.. إلى الإنساني..


* متى بدأت الكتابة؟

كنت أكتب منذ الابتدائية، وأول ما نُشر لي، قصة قصيرة بمجلة الهلال، وفي الجامعة، طبعتُ مع صديقين –على حسابنا- كتابًا قصصيًا اسمه "وريقات من دفاتر الحب والثلج"، واشتراه الأهل وذوو القلوب الرحيمة لتشجيعنا!


* تكتب كتباً ساخرة، كتب إنسانية إجتماعية، كتب نقدية\بحثية.. أين أنت منها جميعاً؟ و أيٌّ مِن كتاباتك يُمثّل حقيقتك؟

أنا مجموع كل ما أكتب، فكل نوع أمارسه يُشبع جزءًا مني، فالساخر يساعدني على إخراج الكبت الذي أشعر به تجاه المفاهيم المغلوطة والأحداث المستفزة، والاجتماعي يجعلني أكتشف نفسي وأُنقّح رؤيتي للحياة، والنقدي يمنحني الفرصة لعقد مقارنات بين أطياف مختلفة من الأفكار.

* ماذا تمثّل لك الكتابة؟

الكتابة مثلها مثل العرق والدموع، إفراز طبيعي، لا يملك الكاتب الوقوف أمامه، أو منعه، والأمر يشبه الكوب الذي امتلأ لآخره، ففاض الماء على جانبيه، فأنا أكتب لأسترد حريتي، ولأكتشف الجمال الكامن في كل ما حولي، ولأكون مع أو ضد، ولأستجيب لأمر الله سبحانه وتعالى بالاستخلاف في الأرض.

* إلى أي مدى يمكن للكاتب إدخال تجاربه الشخصية فيما يكتب؟

أي تجربة شخصية يرصدها الكاتب، هناك آخرون مروا بها، فالحدود بين ما هو شخصي وعام، واهية للغاية، كما أن الكاتب يكون أكثر صدقا عندما يتحدث عما عايشه، والأهم في الكتابة على الإطلاق..أن تكون معبّرة وكاشفة، بصرف النظر عن مصدرها، أو منبعها.

* حدثنا عن "يوميات مدرس في الأرياف"الأكثر انتشارا بين كتبك..

يوميات مدرس "ابني البكري"، وأول اكتمال لي بين دفتي كتاب، وتسجيل حيّ لفترة مهمة من حياتي، قرّبتني أكثر من واقع التعليم المصري، وهو ما حدا بأستاذي إبراهيم عبد المجيد –في أحد مقالاته- لنُصح وزير التربية والتعليم بتوفير زياراته للمدارس، وقراءة كتابي، للتعرف إلى حال التعليم.

* في "يوميات مدرس في الأرياف" يأخذ عليك البعض المبالغة في تصوير الأحداث بالكتاب مثل غباء الطلبة على سبيل المثال، فما تعقيبك على هذا؟

رسام الكاريكاتير عندما يرسم الأنف ضخمة، إنما يجسّم العيوب لحيلة فنية، وهي لفت الانتباه إليها، وهو نفس ما فعلته، فبالغت في بعض المناطق، لأبرزها، سعيًا وراء توريط القارئ في محاولة حلها، كما أن الكتاب ليس سجلا اجتماعيًا أو كتاب تاريخ، وإنما كتاب ساخر، يستند إلى "بعض" الوقائع الحقيقية، والكتابة الساخرة أساسها المبالغة، والتقاط العيوب والنواقص وعدم التستر عليها.

* هل هناك فيلم سينمائي يُعدّ عن اليوميات؟

بعد أن قرأ الأستاذ بلال فضل كتابي، أعجبه للغاية، وقرر تحويله لفيلم سينمائي، لكن انشغاله الشديد حال دون ذلك بالسرعة الكافية، حتى قدّم يوسف معاطي فيلمه "مبروك أبو العلمين" الذي رأى البعض أن بينه وبين كتابي تشابهًا واضحا، خاصة وقد ظهر للوجود بعد كتابي، وهو ما أجهض فكرة الفيلم للأسف!!!

* قدّم كتابٌ كبار كتبك، فإلى أي مدى من المهم وجود اسم كاتب كبير على أغلفة كتب الشباب؟

هذه ليست ظاهرة جديدة، وإنما سُنّة اتبعها كبار الكتاب، وهي لفتة تقدير من الكاتب الكبير للكاتب الشاب، ومحاولة للفت الانتباه له، لكن التقديم لن يُقدّم أو يُؤخّر إذا كان المحتوى دون المستوى، وهي مسئولية الكاتب الكبير الذي يجب ألا يضع اسمه إلا على كتاب يستحق.

* من تشكر بعد نجاحك اليوم في عالم الكتابة؟

بعد الله سبحانه وتعالى، هناك والدي رحمه الله سبحانه وتعالى، الذي أدين له بكل ما وصلت وسوف أصل إليه، لأنه احترم إنسانيتي صغيرًا، وصنع مني ما أنا عليه الآن، ووالدتي التي أتمّ الله نعمته عليّ بها، وزوجتي التي تحملتني كثيرا، ودعمتني في الأيام الصعبة، وصديقي محمد هشام عبيه جداري العازل ضد المشاكل والأزمات.


حوار: ريم جهاد - مجلة كلمتنا - يوليو 2010.







الجمعة، 2 يوليو 2010

زي خودز .. باند على الطريقة السنغالية !

"كانت واقفة ع الرصيف، زي أي مواطن مصري، مستنية اوتوبيس 76، جالها كده راجل سيس، عامل فيها مواطن مصري، قام وقف جنبها و قال..."

ماتستغربش! ده مطلع أغينة تهاجم التحرش الجنسي في شوارع مصر يغنيها فريق "زي خودز" و لا داعي لإستغراب الاسم أيضاً فـ"زي خودز" حسب كلام الفريق هو اسم فيلسوف من السنغال عاش في فترة الخمسينيات كتب الأشعار لأهل السنغال و كافح من أجل حقوقهم كما أنه كان أول من لعب الجيتار في السنغال و قد اختار اسمه مجموعة من الشباب المصري ليحمل لقب فرقتهم الموسيقية الجديدة التي شاركت وسط جمع كبير من الشباب بمهرجان الكوربة الأخير.


يتكون الفريق من مجموعة من الشباب من بينهم نور أيمن و شهاب نوري على الجيتار إلى جانب الغناء، و ماجد حسن على الـ"درامز"، و سيف سبكي على الـ"كي بورد". كما أن المجموعة تكتب و تلحن أغانيها بنفسها.
فكرة إنشاء الفرقة بدأت عندما شعروا بالملل من الأغاني العربية التقليدية، يقولون "لقينا إن الدنيا مش بحبك و حبيني و نغمات مكررة و معروفة بعدها" و قرروا إبتكار نوع من الموسيقى و الأغاني خاص بهم يتسم بالجرأة و الواقعية، كما أنهم يحبون استخدام الكلمات التي تحمل أكثر من معنى لتصوير المشاكل اليومية دون إخفائها و لإضفاء شيء من المرح على الأغنية.


بدأ الفريق منذ حوالي خمس سنوات بأغنية "مدحت" و أقاموا عدة حفلات في الجامعة الألمانية، و جامعة المستقبل، و احتفلات الشباب المتنوعة و مهرجان الكوربة السنوي و غيرها، كما أنهم حازوا على المركز الثاني في حفل مواهب الجامعة الأمريكية 2010. و كغالبية فرق الشباب الجديدة فهم لهم أيضاً إنتشارهم على الانترنت من خلال قناتهم الخاصة على موقع "يو تيوب" التي بها أغانيهم المختلفة مثل "نسونجي" و "شاب جيم" و "بوب، أنا عايزة جوب"، و لهم صفحة خاصة على موقع "الفيس بوك" بعنوانZe Khodz .


قالت سلمى داوود، أولى ثانوي، أن أغان الفرقة أعجبتها رغم أن بها بعض الجنون و لكن الألحان جميلة جداً. و يشاركها الرأي أحمد الفقي، ثانية كلية إعلام، الذي أعجب جداً بالموسيقى و لكنه علق على الكلمات قائلاً أنها صادمة بعض الشيء و من الطبيعي أن تجد من ينتقدها و لكنها لا تحمل كلمات خارجة عن الأدب و بالتالي فلا مشكلة. و أضاف أحمد أن الفرق الشبابية الآن تطلق حماسة الشباب خصوصاً بعد ما فتحت الساقية باباً لها تعبر من خلاله، فكل فرقة الآن تغني مشكلة في حفلتها تماماً كالمدون الشاب الذي يحكي مشكلته في مدونته على الانترنت.

نشر بجريدة عين




الخميس، 20 مايو 2010

أمريكا هتتكلم عربي !



هي نموذج جميل و مشرف لكل طالبة جامعية. ندى ماهر، طالبة في السنة الرابعة بكلية العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية، سافرت إلى أمريكا لمدة شهرين في عملية تبادل طلابي بين الجامعة الأمريكية في القاهرة و جامعة هارفرد بولاية ماساشوستس في أمريكا و عادت متحمسة جداً لفكرة جديدة و ايجابية اسمها "نادي الرباط العربي الأمريكي" أو Arab American Bond الذي يحاول لم شمل الثقافتين العربية و الأمريكية ليتعرف كل منهم أكثر على الآخر و يتقرب إليه.



تقول ندى "قبل سفري لأمريكا كنت ألاحظ في الجامعة عندنا أن المصريين و الأمريكان منفصلين و تقريباً مش بيتعاملوا مع بعض، ده ماكنش عاجبني.. زائد إني لما سافرت لقيت إن في أفكار عندي عن المجتمع الأمريكي غير صحيحة و كمان لقيت إن أفكارهم عنا مش دايماً في محلها." فقررت ندى أن تنشئ هذه المجموعة الطلابية لتقريب المسافات و فتح مجال للنقاش و التعامل المباشر بين الشعبين. تأسس النادي في بداية العام الدراسي 2009-2010 و أصبح مجموعة طلابية معترف بها بالجامعة تضم حوالي 60 عضواً من مصر و أمريكا يجتمعون كل أسبوع للنقاش حول موضوع معين يخص الأفكار السائدة عن المجتمع المصري أو العربي مثل التزمت، العاطفة الزائدة، أو حتى الرجعية.. كما يناقشون الأفكار المنتشرة عن المجتمع الغربي في أمريكا مثل تحرر العلاقات الاجتماعية وغياب الدين و الروحانيات. يتحاورون كذلك حول الصراع العربي الاسرائيلي ليستطيع كل منهم فهم وجهة نظر الآخر في القضية، و يتحدثون عن "مفهوم العيب" لدى كل مجتمع، ما الذي يُحرج منه الناس في أمريكا و يعد أمراً طبيعياً جداً عندنا؟ و العكس؟ يتناقش الشباب في هذه المواضيع، يصححوا الأفكار و يصلوا إلى نقطة تفاهم متبادل ليقلبوا ما يسميه الكبار في وسائل الإعلام بـ"صراع حضارات" إلى "تناغم تام بين الحضارات".



إلى جانب ذلك يجتمع الطلبة في جلسات اسبوعية يساعد المصريين فيها زملائهم الأمريكان لتقوية لغتهم العربية و أيضاً لاستيعاب اللهجة المصرية العامية. كما أن المجموعة تنظم رحلات إلى أماكن تعكس التراث و العادات في مصر، تقول ندى "مرة رحنا مطعم يقدم أكلات مصرية تقليدية، مرة تانية نظمنا رحلة للحسين و القاهرة الفاطمية، و أخيراً زرنا قرية عمروس بالمنوفية عشان نتعرف على الريف المصري الحقيقي و دي كانت تجربة مفيدة و غنية مش بس للأجانب و إنما لنا احنا كمان كمصريين لأننا محتاجين نعرف بلدنا كويس عشان نقدر نتكلم عنها." كما يشاهد الطلبة أفلام مصرية كلاسيكية كان آخرها فيلم "إشاعة حب" الشهير ليوسف وهبي و سعاد حسني و عمر الشريف.



هم مجموعة نشيطة جداً من الشباب المتحمس و المؤمن جداً بما يقوم به. يقول مينا عماد، أولى علوم كمبيوتر و أحد المشاركين "الفكرة عجباني جداً لأن معظم الأمريكان مش بيختلطوا بالمصريين في الجامعة، و أنا حابب أدخل مجال العلاقات العامة و مهم جداً في شغلنا التعامل الجيد مع ناس من فئات و ثقافات مختلفة". أما أنيت هانسن، طالبة أمريكية شاركت بالمجموعة سابقاً فتقول أنها كانت تجربة استمعت بها جداً ساعدتها على الاندماج في المجتمع المصري بالجامعة، و في رأيها فأجمل ما في هذا النشاط هو ليس تقريب المسافة بين الاختلافات فقط و إنما "الإحتفال بأوجه التاشبه بيننا أيضاً".



ريم جهاد
نشر بجريدة عين، 20 مايو 2010


الاثنين، 10 مايو 2010

دون عنوان


قالت آذار نفيسي في روايتها.. "إن (مانا) واحدة من الناس الذين يشعرون بحالة الإبتهاج الشديد و لكن ليس السعادة" .. و في ترجمتي " إن (مانا) من أولئك الذين يحسون بالنشوة المفرطة لكنهم لا يـعـيـشـون السعادة".. و بينما كنت جالسة خارج الباب غير الرئيسي لكلية العلوم و الهندسة أضع الرجل على الآخرى، أحارب الصداع المزمن، أنسى حلقتي الإذاعية المنفعلة، أتناسى بيتي الفارغ، و قصة العشق الرائعة.. الكاذبة.. التي أتت كما غنى حليم.. زي الدنيا ما تيجي في ثانية و تمشي في ثانية.. أمسك بقطعة خبز محشوة بالكثير من الأشياء - اشتريتها من الكافيتريا، و أجلس أكاد لا أشعر بكلام الطلبة من حولي.. ضجيج بعيد رغم قربه.. لا معنى له.. مثل – كما وصف مارك هادوك في روايته - ما يخرج من الراديو بين المحطة و الآخرى..


أو ربما مثل جلوس امرأة عجوز ملّت الدنيا.. ترمق ماضيها.. و تجعل كلٌ يمر عليها دون اكتراث: الناس و الأحداث و الأيام.. تجعل لمن يريد ترك النصيحة أن يتركها، و من يريد وضع الشال فوق أكتافها أن يضعه.. لمن يأوى للانتقاد و الضحك أن يفعل ذلك و لمن يريد إثارة إبتسامة أن يثيرها.. تتركهم جميعاً يحققون أدوارهم التي رسموها لأنفسهم و تتظاهر بالتماشي معها.. كما هو مرسوم لها أيضاً.. لكنها تشعر أنها عالمة بها جميعاً و أنها جميعاً تمر عليها كما تمر شجون الكروان على من بأذنيه صمم.. على من فك رموز كل الأصوات منذ زمن بعيد..

 
بينما كنت جالسة بجانب الباب غير الرئيسي لكلية العلوم و الهندسة هالتني عزلة فوق عزلتي و توقفت لحظة عند جملة آذار نفيسي أشعر فجأة أني أغرق في صفحات كتابها الناعس بين يدي و أن رأسي قد مال نحوه أكثر.. أعيد قراءة الجملة بهدوء.. إن مانا واحدة من الناس الذين يشعرون بحالة الإبتهاج الشديد و لكن ليس السعادة..

هذه هي..

قلت لنفسي.. و كأني أخيراً عثرت على شيء طال بحثي عنه.. زيي.. هي دي.. حالة الإبتهاج الشديد.. لكنها لا تعيش السعادة.. هذا ربما يفسر التضخم الروحي المفاجئ الهائل مع إديث بياف.. الذي يختفي سريعاً.. و ربما هذا يفسر الإنتشاء الليلي المؤقت بشدو أم كلثوم.. و بتخطي عقبة ما.. أو الوصول لحلم لطالما كان ساكناً في سماوات خيالاتي.. لكن هل أشعر به حقاً؟ .. هل يعطني ذاك الرضا المنشود و الطمأنينة الرائعة؟.. هذه السعادة؟..

و لكن هذا يعود بي للسؤال اللانهائي.. ما هي حقيقة السعادة؟ هل هي ذاك الرضا فعلاً؟ أم هل هي تلك اللحظات الجميلة المؤقتة التي تساعدنا على النهوض بعد نوبات الحزن و الإنهاك و تحثنا على الاستكمال؟

و إن كانت هكذا.. فما فائدة كل هذا العمر؟.. إن كنا نقضيه نقاسي دوما ما يأتي علينا من صعاب.. و كل ما يبقينا هي تلك الإبتسامة التي تراها الأم في عيون أطفالها.. أو دفء الحضن الذي أجده تحت ذراع أبي؟.. ما الفائدة إن كان كل ما يحثنا على المواصلة عبارة عن دقيقن.. دقيقتان تنتابنا فيها رعشة السعادة الغامرة حين نرتدي خاتماً سيمكث إلى نهاية العمر، أو حين نرى كلمة "إمتياز" بجانب اسمنا على حائط اكتظ بالأسماء..

أو ربما الأمر يشبه ما وصفه توفيق الحكيم في مسرحية شهرزاد.. تلك التعادلية التي حاول تبطينها في أحداث مسرحيته.. حين قال شهريار لشهرزاد في أسى "و ما قيمة عمري الباقي؟.. لقد استمتعت بكل شيء.. و زهدت في كل شيء.." حين نرى رجل حاله بائس فلم يفلح بنهمه وراء المتع و المادة.. و لم يفلح بتوقه الشديد للعلم و الفلسفة.. فمن عرف كل شيء زهد في كل شيء أيضاً.. فربما السعادة لدى الحكيم تكمن في الوسطية.. بين المتع الحسية و العلوم الفكرية.. بين بعض السعادة و بعض الحزن.. لأننا بشر و لسنا آلهة، و قد هلك كل من تعالى عن بشريته و حاول الوصول إلى المكانة الإلهية في شمولها و مثاليتها.. و لكن رغم ذلك ربما هذا يعني أن نشعر حقاً بتلك السعادة حين يأتي وقتها..؟


لكنها ليست هكذا.. هذه السعادة الجميلة الهادئة النقية.. لم تعد تسكن عوالمي.. ما يحدث يشبه ما وصفته آذار نفيسي.. ما يحدث هو نادر و يشبه تضخم هائل في الروح.. و كأني أكبر فجأة لأصبح امرأة صاخبة خرافية القدرات، فأزيد الألوان ألواناً و الأنغام أنغاماً و الكلمات معان و أرواحاً و الأنوار ضياءً و الإبتسامات أفراحاً و جنوناً و لمعاناً.. ثم يتلاشى كل شيء.. و يذوب و ينساب من بين روحي.. و يتقلص.. و يعود كل شيء كما كان.. مثل سندريلا التي ينتهي مفعول عالمها السحري عند منتصف الليل..

لكن في حكاية سندريلا فالخير و السحر يعودان إليها.. و يبقونها في حالة سعادة حقيقية.. أو على الأقل هكذا كنا نتلقى الحدوتة في طفولتنا..

أحياناً آخرى.. هي عندي كالحنين.. و كالشجن.. هذا الفرح الحزين.. .. إذن ربما هذا هو الأمر أحياناً ؟ كما قال دافيد ذات مرة في حصة الأدب الانجليزي العام الماضي.. نظر إليّ و ابتسم: إحساس البكاء الذي ينتابنا في نهاية الفيلم.. لعلي اسميه حالة من الحزن السعيد..

A joyous melancholy

و تعلقت نظراتنا لثانية قصيرة أشاركه فيها متعتي الكاملة بذلك التعبير.. ثم أخفض عيني و أكتبه على طرف الورقة.. و ينهي هو مشيته من أعلى إلى آخر الفصل أثناء شرحه ببداية الحصة و يميل على الباب أمامي ينظر للساعة و يتحدث و ينظر لي مرة و لزارا مرة و لمارك مرة آخرى.. لكن حتى حالة هذا الفرح الحزين أصبح الحزن غالب عليها.. أو ربما أصبح الخواء غالب عليها أكثر..

ما أزال أجلس على إحدى المقاعد الصخرية خارج كلية العلوم و الهندسة.. أفيق من الكتاب فجأة و أنظر يميني لأجده واقفاً يلتفت في نفس اللحظة ناحيتي.. أعود للكتاب و أدور في أفلاك من نور الشمس و ذكرى طفيفة و الصمت.. لكن كان الأمر بارداً هذه المرة.. معتاداً.. بقالي قد ايه ماشفتوش؟.. كتير..


أعود مستسلمة للكتاب أذكر ما قالته نفيسي في بداية كتابها.. حين حذرت تلاميذها قائلة "لا تقللوا أبداً من شأن عمل أدبي من خلال تحويله لنسخة كربونية من الواقع.. فاللذي نبحث عنه في الأدب ليس الحياة الواقعية و إنما الوعي المباغت بالحقيقة"

The epiphany of truth
..
أكتب الآن بينما أنا في مكتبة الجامعة.. كان من المفترض أن أعمل على بحثي عن القاهرة الفاطمية.. على تحليل كل هذه المصادر التي لا تنتهي.. و التي بدت في نوبة الصداع الرنانة مثل أضواء الكاميرا المتقطعة التي تفرقع سريعا أمام عيني.. كل هذه الأسماء تتالى حتى ذابت جميعاً مثل من يبرز لك صور ذكرياته الواحدة تلو الآخرى و يتكلم بسرعة فلا تعد تدرك أي شيء.. و أسمع عمر خيرت.. مقطوعة فاطمة.. و أكتب.. و أشعر بالعطش..

ولا أعرف تماماً لمَ أكتب.. و كيف سأنهي ما أكتبه هذا.. غير أن جملة آذار نفيسي استوقفتني بشدة.. و غير أني جوزائية تهرب من أعمالها في القراءة و الكتابة و سماع الموسيقى.. تهرب من حزنها بإنهاك نفسها و السهر فتطرد أي فرصة محتملة للتفكير..

 
البيت فارغ.. البيت فارغ.. سأعود لأجده فارغ و صامت.. من ماذا تهربين؟.. و إلى أين تذهبين؟ .. من الأفضل لك أن تسكبي دموعك الآن في المكتبة.. أثناء الكتابة.. فلن يلاحظك أحد و سينقضي الأمر سريعاً.. بدلاً من تعذيب نفسك وحدك في الليل.. بيتك فارغ يا حبيبتي.. و تنظرين للمستقبل و كأنك تعرفينه تماماً.. كذكرى لم تفارقكك أبداً.. تحاوطك الوحدة التي لطالما رهبتها.. ضعفك اللانهائي الذي تشعرين به ، و عجزك الأبدي بدونهم.. و تتكرر أمامك للمرة الـ .. بل قد فقدت القدرة على العد و الحساب.. مشاهد الموت كلها.. و مشاهد الفراق كلها.. و مشاهد ذنوبك كلها..


يجلس شاب أجنبي خلفي، يفتح كتاب الهندسة و يدرس و يكتب بحثه على الكمبيوتر.. أين بحثي أنا؟.. و كم بقى لي فيه؟.. و لمَ لم أكمل قراءة هذا المقال؟

مشاهد ذنوبك كلها.. تتالى واحدة تلو الآخرى.. أتذكرين الصراخ؟ و البكاء؟ هلّا استحضرتي هذه الكلمات؟ و بشاعة كل هذا الصمت؟ ..


لدى غادة السمان قصيدة بعنوان "و أحبك.. أكثر من ذنوبي" ..

تقول فيها..

حين مستني يدك
كيد نبي
تحولت اعماقي من سراديب
ودهاليز سرية الاوجاع
_ مسكونة بأشباح تشحذ أسنانها وأظافرها على جدران
الماضي البشع _
إلى نافذة ستائرها قوس _ قزح
مفتوحة للأفق والريح والمطر والمفاجأت
وأغاني جنيات الليل العاشقات !


ألا تذكرين تلك الأيام؟ حين غدى كل شيء فجأة حقيقي.. كل شيء فجأة موجود.. كل شيء فجأة يستحق الحياة.. حين أصبحت الأيام القادمة جميلة أتطلع إليها.. حين انمحت شجون الشتاء الماضي..

حين تذوقت لأول مرة كيف هي.. السعادة.. حين أصبح إيمانك و عملك و أنثوتك و أسرتك و أحلامك.. حين أصبحوا في عينيك جميعاً بحالة من الأمل و الدفء و الاطمئنان.. في حالة لم تعرفي لها تسمية.. حالة شبه مستقرة.. و رائعة..

ربما هذا هو ما قصدته آذار نفيسي بالسعادة؟.. و لا يهم إذاً إن قصرت أو طالت مدتها؟.. المهم أن أعيشها.. أن أعرفها؟ ..

لكنها غير موجودة الآن.. ولا تعرفي إليها سبيلاً.. و ربما لم تكن حقيقية من البداية؟ ربما عليك إنتظارها؟ فهي لم يكن بفعل شيء آخر.. ربما كان بفعلك أنتِ.. أنت من خلق كل هذه السعادة.. و استدعاها.. و فك طلاسمها لنفسه.. و لم يكن مسموح لك بهذا..

الخامس من ديسمبر.. ميدان طلعت حرب.. ليلة الخامس من ديسمـ - أين زجاجة المياه؟ أين المقال؟

و يعود هذا بك لسؤال آخر.. هل الأمر كما قرأت ذات مرة.. أنه ما من طريق للسعادة بل أن السعادة نفسها هي الطريق؟ .. هل نستحضرها و نعيش بها؟ .. كما فعلتِ حينها؟.. أم هل ننتظرها و نسعى إليها؟.. ربما كنت تسعين إليها إذن.. حينها.. لكنها اختفت الآن في.. و متى العودة إليها؟ هل تقررين أنت هذا؟ أم تنتظرينه؟ أم هل أنه لا ينطبق عليك إطلاقاً؟ ربما كان الأمر على سهوة من الزمن.. في لحظات سقطت كذلة اللسان في مكانها الخاطئ..



قلمي البرتقالي يبرز من الحقيبة.. و مذكرتي الخضراء المنقوشة.. و كتاب آذار نفيسي مفتوح بجانبي..


ذكرتك السيدة في الفيلم الذي شاهدته تلك الليلة.. ذكرتك بنفسك.. الفيلم .. "الناس ضد جين هاريس" .. ثمة شيء فيها.. في لحظات انكاسرها تلك.. يشبهك تماماً..

أنا جائعة



و هذا الفيلم أيضاً وعي مباغت و واضح و دقيق.. بالحقيقة.. مثل رواية اذار نفيسي..
و أنت أيضاً .. غالباً .. مثل (مانا).. تعرفين الاحساس بلحظات الابتهاج الشديد لكنك لا تعيشين السعادة..


هل أشتري بعض الفطائر قبل العودة إلى المنزل ؟

البيت فارغ

. . . .

أكتب الآن في المساء.. ببيتي الفارغ..


و يعزف عمر خيرت على البيانو..



كل الجروح لها دوا..
يا طير يا حايم في الهوا..


تمتلئ الدنيا من حولي.. تختفي آذار نفيسي و يعتكف الحكيم.. و تتوه جوزائيتي.. و أرجع بعيداً لتلك الطفلة الصغيرة، سمينة و ثقيلة بوجنتين متوردتين تنام على بطنها على الأرض أمام التلفاز.. تتابع المسلسل و تقوم فجأة من جلستها تغني هذه الأغنية و تصفق تترك قطعة الشوكولاتة على حجرها و تنظر لأمها و تدندن و تضحك.. فتذعن أمها و تدندن معها.. بيديها و بصوتها.. و تضحك على ابنتها المجنونة.. في حالة من حالات ابتهاجها الشديد بالموسيقى..




و أدندن الآن..


كل الجروح لها دوا
يا طير يا حايم في الهوا

و خلاص ! كفاية ! فلت زمام القلم !




(الوعي المباغت..
في الأدب.. القراءة.. و الكتابة
في الفنون.. الألوان.. و الموسيقى)


ريم
الأحد 9 مايو 2010



الخميس، 29 أبريل 2010

AUC > حول العالم في يوم واحد !






في "اليوم العالمي" بالجامعة الأمريكية كان بإمكانك أن تلتقط من كل قارة قطعة من الطعام تضعها في فمك تتذوق مكوناتها المختلفة التي قد لا نعرفها في مصر، مثل عشب التاخراي التايلاندي، ومناقيش الزيت والزعتر الشامية، وكان بإمكانك الرقص على موسيقى البنجاب مع طلاب باكستان، وشبك يديك للدبكة مع أهل فلسطين.. كنت سترسم الحنة وتتعطر بالبخور عند أهل قطر، وتأكل السوشي من اليابان وكبة الموصل من العراق، وتتعرف أكثر على ثقافة الهند وكندا و تركيا وأرمينيا وغيرها الكثير من الدول المُمَثلة في الإحتفال بالـ"اليوم العالمي" في الجامعة الأمريكية بالقاهرة الذي أقيم الأسبوع الماضي.



تقيم الجامعة الأمريكية يوماً سنوياً للإحتفاء بالبلاد المختلفة الممثلة بين الطلبة في الجامعة بهدف إعطائهم الفرصة للتعبير عن أصولهم وثقافاتهم المتعددة ولتقريب مختلف الجنسيات من بعضها البعض وبالمجتمع المصري. وفي يوم الأربعاء الماضي كان اليوم العالمي الواحد والعشرين حيث إزدحمت ساحة باترلت أو Bartlett Plaza بمقر الجامعة في القاهرة الجديدة بالكثير من "الأكشاك" للدول المختلفة التي ضم كل منها أكثر ما يميز هذه البلاد و أبرز تقاليدها.. 
 توافد الطلاب والأساتذة والعاملين بالجامعة لمشاهدة و إقتناء التذكارات المعروضة للبيع من مختلف البلاد، وللتمتع بالأعلام والزينة الملونة والموسيقى الشعبية والروائح الشهية المتصاعدة من الطعام الذي كان يُطبخ أمامك.




عند كشك البرازيل حيث كانت حلوى البريجاديرو المصنوعة من الشوكولاتة وموسيقى إيفيت سانجيلو وروبيرتو كارلوس حدثتنا ألكساندرا عبد النور، طالبة من أصل برازيلي شاركت في تمثيل البرازيل، قائلة أن هذه أول مشاركة للبرازيل في هذا النشاط بالجامعة و أن كل عام يصبح اليوم "عالمي أكثر" لكن على الرغم من ذلك بإمكانه أن يصبح أكثر شمولة وتعددية لأن الجامعة تضم العشرات من الجنسيات المختلفة التي لا تُمثل جميعها في الإحتفال.


أما رقية طبيلة، طالبة فلسطينية بكلية الإعلام ، فتجد أن الحدث فرصة لإبراز الجنسيات المختلفة التي لا تقوم بنشاط للتعبير عن نفسها على مدار العام، فهذه فرصة رائعة لهؤلاء الطلبة لإبراز هويتهم والإحتفاء ببلدهم، بل ولباقي الطلبة للتعرف على هذا البلد و التفاعل مع تقاليده. و يتفق معها معتز محمد، طالب مصري بكلية تجارة، فيرى أن تعرف الطلبة على الجنسيات و الثقافات المختلفة مهم و مفيد جداً لإحياء جو من الألفة و الترابط.

و عند الكشك الايطالي حدثتنا لورا فريجا، بينما تقوم بتقديم البروسكيتا و الباستا و بيع أساور بألوان العلم الإيطالي و الكشف عن معان كلمات إيطالية، قائلة أنها عاشت أغلب عمرها في مصر، و أنها تحبها كثيراً خصوصاً أن الشعب المصري و الايطالي يتشاركان الصخب و العبثية و المرح. أشارت أيضاً لأهمية حدث كهذا لأن أغلب الطلبة الأجانب منعزلين في الجامعة ولا يتفاعلون جيداً مع الطلبة المصريين.



عن هذا يقول أحمد من باكستان أنه لا يمكننا توجيه اللوم للطلبة الأجانب فقط أو للمصريين فقط لأن المسئولية في ذلك ترجع لكل منهم لأن الإثنان لا يبذلان المجهود الكافي للتقرب من بضعهم البعض، و يتمنى أحمد أن يكون هناك أنشطة مماثلة بإستمرار في الجامعة.



عن الإختلافات التي يلاحظها الطلبة الأجانب بين مجتمعاتهم و بين المجتمع المصري يقول أحد الطلبة من النرويج أن الدين في مصر وجه من أوجه الحياة العامة و يدخل في الكثير من تفاصيل الحياة اليومية على عكس كونه شيء خاص جداً في النرويج لا يعني إلا الشخص نفسه. أما أكيرا، الطالب الياباني، فيرى أن أكبر فرق بين مصر و اليابان هو النظام و الالتزام بالمواعيد و يضحك قائلاً أن في مصر لا يوجد ترتيب على الإطلاق!



 أما عن الجيران، أهل السودان، و الذين كانت لهم مساحة كبيرة في عرض مختلف منتجاتهم اليدوية من منسوجات و منحوتات و إكسسوار و عرائس تقليدية فقد قالوا أن الناس في مصر تغيروا كثيراً عن الماضي، و أصبحوا أقل دفئاً و ترحيباً و أكثر توجس و حذر.. كما أشاروا أنه رغم القرب لا يعرف المصريون الكثير عن التقاليد السودانية الغنية جداً.. و لكنهم عبروا عن حبهم لمصر و جو مصر و أهل مصر رغم كل شيء فنحن في النهاية نشرب من نهر واحد.


ريم جهاد
نشر بجريدة عين عدد الخميس 29 ابريل 2010






الخميس، 15 أبريل 2010

بصي : مش هتقدر تغمض عينيك !


بصي، خدي بالك و فتحي عينيك ! عشان مجتمعك غرقان في مفاهيم كتير غلط، و انتي غرقانة معاه، و المشكلة انه بيتغاضى عنها و انتِ مش شايفاها – ففتحي عينيك !
و "بصي" هو شعار أطلقته جمعية أسسها مجموعة من الفتيات المتحمسات بالجامعة الأمريكية في يناير 2006 بهدف التوعية و تسليط الضوء على المشاكل التي تواجهها الفتيات و النساء في مصر في البيت و الشارع و مكان العمل و المجتمع بأكمله. "بصي" هي منفذ للتعبير عما يدور بحياة أي فتاة مصرية كل يوم ولا نكثر في الحديث عنه.

فريق بصي

بدأت المجموعة بعدة أنشطة هي تنظيم محاضرات، إطلاق حملات توعية، و عرض مسرحية سنوية. لكن و بعد عدة تجارب تقول سندس شبايك، صحفية و إحدى مؤسسات المجموعة، أنهم تفرغوا تماماً للعرض المسرحي السنوي لأنه يتفاعل مع الناس و يعد أكثر قرباً منهم، كما أن به مصداقية أكثر. العرض المسرحي عبارة عن 30 قصة تُقدم بأسلوب بسيط على هيئة مسرحية من فصل واحد أو مونولوجات عدة تخاطب فيه الممثلة الجمهور بشكل مباشر.
سندس أثناء العرض


تقول منن عمر، أحد مؤسسات المجموعة، أن الفكرة أيضاً جاءت رداً على مسرحية
The Vagina Monologues
المقتبسة من مسرحية لنفس الاسم للكاتبة الأمريكية إيف إنسلر، التي عُرضت حينها بالجامعة الأمريكية و قوبلت بالكثير من الضجة و الانتقاد بسبب جرأتها الزائدة و تنافيها التام مع عادات و تقاليد المجتمع المصري. تقول منن "حبينا نقدم مساحة نقول فيها اللي عايزينه عن المرأة و مشاكلها و لكن بأسلوب يناسبنا كمصريين و في نفس الوقت يناقش المشاكل الخاصةبمجتمعنا احنا." يناقش فتيات "بصي" مجموعة من المواضيع المتنوعة التي قد تبدو لنا مكررة و لكنهم يعرضونها بأسلوب مختلف، جريء و صادق جداً. تقول سندس شبايك "عرضنا مسرحيات عن الإجهاض، الاغتصاب، المحارم في حياة البنت، النقاب و الحجاب، نظرة المجتمع للبنت اللي بتشتغل، التحرش سواء بها كطفلة من مدرس أو فرد من العائلة أو كفتاة بالغة في المجتمع من الشارع أو مكان العمل أو أياً كان." كما يناقشن زواج الصالونات، العنوسة، مكانة الأم، الطلاق، العذرية، حرية التعبير لدى المرأة، مفهوم "العار"، علاقة الفتاة بصديقاتها، بل و أهمية واجهة البنت و شكلها/جسدها لدى المجتمع و لدى "الخُطاب". تضيف سندس أن أغلب ما يقمن بعرضه ليس واقعي فقط بل أنه نابع من قصص حقيقية في أغلب الأحيان تأتيهم من فتيات كتبن عن تجاربهن الشخصية.

عرض

تقول سارة عبد الرحمن، ممثلة شابة شاركت سابقاً في عروض "بصي" أن أكثر ما يميز عروض "بصي" هو تميزها و أصالتها لأنها غير مقتبسة أو مترجمة و بإمكان المشاهد أن يتعاطف معها بسهولة، كما تضيف أنها استمتعت جداً بالتجربة لأنها أفادتها و أعطتها الفرصة للتعرف على المشاكل المختلفة التي تواجهها الفتيات من مختلف الظروف في مصر خصوصاً أن البنات لم يتعودوا أن يحكوا عن مشاكلهم.

مؤخراً أطلقت "بصي" حملة جديدة بإسم "بص" موجهة للنصف الآخر من المجتمع لإستقبال كتابات مسرحية و قصص كتبها شباب عن المرأة. تقول منن "حبينا نسمع رأي الرجل في الست في مجتمعه اللي هو عايش فيه، وصل لنا قصص عن رؤية الشباب للحجاب، عن علاقاتهم بالنساء و البنات المختلفة في حياتهم، عن زمالة البنت له في الشغل، و غيرها."

ستقدم "بصي" عرضها هذا العام في شهر يونيو القادم و تأمل في تقديمه خارج الجامعة الأمريكية هذه المرة ليشمل أكبر عدد ممكن من الناس.


ريم جهاد
نُشر بجريدة عين - عدد 15 أبريل 2010

الخميس، 18 مارس 2010

مرشحة الرئاسة سلمى الدالي : رمز البطة !



"وزارة الخارجية هيمسكها أبو تريكة، أيووون، أبو تريكة!" و هيبقى عندنا حمام في كل مترو، واحد حريمي و واحد رجالي و رغيف العيش ببلاش لمحدودي الدخل، و ممنوع ندوس على زرار الأسانسير أكتر من مرتين، هنقدر ناخد عبارة من أي حتة في العالم لأي حتة في العالم، أحمد عز هيبطل التمثيل، و عمرو خالد هيكون وزير المالية أما وزارة الإعلام فهتمسكها سلمى الدالي بنفسها، صاحبة كل الأفكار السابقة !
انتشر في الفترة الأخيرة على الانترنت فيديو ساخر لسلمى الدالي تعبر فيه عن تخيلها للترشح لرئاسة الجمهورية و عن التعديلات التي ستقوم بها لو نالت شرف المنصب. سلمى فتاة مصرية اسكندرانية، أنشأت قناة بإسمها على موقع اليوتيوب، اشترك فيها نحو 1000 مشاهد، تعبر من خلالها عن رؤيتها لبعض المشاكل الخاصة بالمجتمع المصري بشكل بسيط و ذكي
. تخرجت سلمى في كلية الإعلام و تقوم حالياً بتحضير ماجيستير في صناعة السينما و التلفزيون بإحدى جامعات نيويورك في أمريكا، و عبر الانترنت أجرينا معها هذا الحوار..

- ما السبب وراء فكرة إنشاء قناة على اليو تيوب ؟

أدرس مادة "التلفزيون في عصر الانترنت" مع أحد علماء الإعلام المشهورين في أمريكا و كان يعرض علينا كيف بإمكان الناس استخدام التدوين المرئي للتعبير عن كل شيء، و كانت هذه بداية الفكرة خصوصا أني عملت كمذيعة سابقاً في مصر و أهوى التدوين كنوع من التواصل مع أصدقائي و التعبير عن رأيي.

- و ايه حكاية ترشحك للرئاسة ؟

الفكرة هزلية بالتأكيد، أردت أن أرسل رسالة لكل واحد من الناس – ليس من حقك فقط اختيار رئيساً لبلدك و لكن من حقك أيضاً أن ترشح نفسك و تعبر عن رؤيتك و تدلي بصوتك. و نحن شعب يحب الفكاهة لهذا عرضت الفكرة بهذا الأسلوب الساخر.

- و لماذا رمز البطة ؟

عشان العوامة ! نحن نعيش في دوامة هذه الأيام و نحتاج لعوامة بشدة حتى نصل إلى بر الأمان.. و يقول المثل أن الغريق يتعلق بقشاية.. نحن نغرق من زمن بعيد !

- في رأيك إلى ماذا يؤدي عدم توفير الفرص للشباب و عدم تفاعلهم بطريقة حيوية مع قضايا مجتمعهم ؟

أسوء و أخطر إحساس في الدنيا هو اليأس و الخوف و العجز. الشباب يقف كل يوم أما الثلاثة و دائماً يظل العجز موجوداً دون منازع و هو وحده كفيل للإصابة بكل الافكار السلبية. لما كنت مذيعة في التلفزيون قبل سفري، جائتني مشكلة من إحدى مراكز الشباب في الأقاليم إن مفيش سور حول المركز و بالتالي كانت تدخل المواشي ترعى في الملعب و ذلك يمنعهم من ممارسة أي نشاط.. كان كل طلبهم سور ! يمكن لو كنا إديناهم سور كانوا اشتركوا في مشاكل المجتمع..

- بعيداً عن فكرة الترشح للرئاسة ما هي طموحاتك؟ ما الذي تودين حقاً تقديمه لمصر؟

أريد وضع نظام تعليمي يشجع الطالب على التعلم، ينمي له ذكائه، يجعله يدرس ما يتمنى.. ليكون من يحلم. أريد وضع مناهج تثقف فعلاً، تنير العقول و تصنع المبدعين.

ريم جهاد
نُشر بجريدة عين عدد الخميس 18 مارس 2010

السبت، 13 مارس 2010

فجر ..


 
كنت في السرير بين ظلام الليل الذي يهيمن على الدنيا بقسوة قبل الفجر.. و كأن الكون دوماً ما يذكرنا أنها "ما ضاقت إلا فرجت" .. كما قال لي أبي دوماً العام الماضي.. مهما طال الليل يا ريم، الشمس دايماً بتطلع.. كانت غرفتي هالة من الظلام اللانهائي إلا من نور طفيف يستوطن أعلى سطح (الكومودينو) بجانبي في دائرة هشة صغيرة تفرشها (الأباجورة) في نعومة.. خفضت النور قبل أن أنام، جعلته خافتاً حتى استطيع الرؤية قليلاً ولا ارتطم بالمكتب أو أقع على الأرض حين أقوم في الليل، فنظري ضعيف جداً.. و في الظلام أنا و المكفوفين سواء.. سمعت أمي تشعل النور في غرفتها و سمعت خطواتها إلى الحمام و خرير الماء.. أنصت إليها تعود و تفتح الخزانة تضع ملابسها على السرير، بينما أنا ما أزال في حضرة النوم، يسمح لي بلحظة يقظة و يغرقني معه في دوامة من الهذيان و الظلام للحظة آخرى..
سمعت القاهرة تفيق من سباتها العميق، تتنفس، يعلو صوت المؤذنين ينبثق من ساعات الصمت الطويلة،  كلهم في آن واحد، بكل تناغم و عذوبة، ايذاناً بفجر جديد.. ابتسمت من بين الظلام و اطمأن قلبي.. فلا يمكن بوجود كل هذا الجمال أن تقسو علينا الحياة أكثر.. و ماضاقت إلا فرجت.. و اطمأن قلبي كثيراً على أمي.. و لم أبكِ.. و من بين أصوات المؤذنين سمعت اصبع المؤذن يدق على (ميكروفون) المسجد بالعمارة التي تقابلنا، يتأكد من صحة الميكروفون كعادته و بدأ يؤذن.. لم أتذمر منه كالعادة بل زادت إبتسامتي.. صوت هذا المؤذن غير طيب بالمرة و في طفولتي كنت أفزع منه و أحياناً ترتعش يداي و اخفي وجهي في غطاء السرير حتى ينتهي من عمله، كنت أمقت اللحظات التي يؤذن فيها بشدة .. فأكره صلاة الفجر و أكره أنهم يوقظونا لنصليها حاضر و أشعر أني سأدخل النار لا محالة و احترق في لهيبها أذوب و أصرخ و الله لا يغفر لي ذنبي فيزيد هذا من هلعي و رعبي .. و في الصباح أشكو المؤذن لكل من بالبيت.. أما هذه المرة فإبتسمت لدرجة الضحك.. و دعوت لأمي و أبي و أختي و لنا جميعاً.. قمت من السرير فوجدت أمي ترتدي ملابسها.. هتوصلي باريس الساعة كام؟ .. لما توصلي رنيلي .. ولما توصلي دبلن كلمينا انتي وبابا .. اخدتي التذكرة؟ .. معاكي الباسبور؟ .. مش عايزة المشط؟ .. هتلبسي ايه؟ .. اعملي ساندوتشات كمان .. اما توصلي باريس رنيلي، اوعي تنسي .. رنيتي لخالو؟ هو صحي؟ .. كان خالي مايزال نائماً فقالت لي أمي خشي وأنا اما اجي نازلة هصحيكي.. وجدتها تمسك بالمصحف فتركتها كما أرادت.. دخلت إلى الغرفة ووضعت الطرحة على رأسي، أمسكت بالمصحف أنا الآخرى وفتحت سورة مريم.. ثم وجدت نفسي أميل على ظهر السرير و أغفو..

بعد لحظات سمعت جرس الباب فقمت مسرعة تقع الطرحة من على رأسي وتنسدل على أكتافي.. وخرجت أختي من غرفتها تغطي شعرها هي الآخرى، تنظر لكل شيء بدهشة و يوجع عينيها النور بالصالة.. أمسكت أمي حقيبة يدها و اقتربت مني تقبلني، أشم رائحتها وأستشعر نعومة وجهها فتتزاحم الدموع في عيني.. وأتخيل أني أرى بعض الدموع العابرة بنظراتها.. تُقبّل أختي و تودعنا.. يلا مع السلامة، خليكوا كويسين مع بعض.. و يأخذ خالي الحقيبة.. ينزلون و ينغلق الباب.. ترحل أمي.. تعود أختي لسريرها، تحتفظ بكل ما بداخلها إلى نفسها و وسادتها.. مثل عادة أمي تماماً.. أما أنا، شريكهم المخالف الذي يخرج كل شيء بداخله، فأدخل إلى البلكونة.. أراها في الأسفل مع خالي فأتمتم آية الكرسي العديد من المرات و أدعو الله أن يحفظها و يسهل لها طريقها و يرحمها و يرضى عنا.. كأنها ابنتي.. التي تذهب لأول مرة إلى المدرسة.. أو التي يأخذها زوجها بعيداً عني بعد كل هذا العمر.. و أجدني أذرف بعض الدمع.. و أدعو.. و يهب النسيم البارد يملأ الأجواء فأبكي.. أبكي و لكن ثمة شيء في الأعماق يطمئنني.. فأبكي و أنا فرحة.. و في لحظات قصيرة أصبحت أمي في السيارة و غابت عن الشارع.. دخلت و صليت الفجر حاضر.. لأول مرة منذ زمن طويل.. و نمت..

ريم
13 مارس 2010


الثلاثاء، 2 مارس 2010

بعض من السعادة :)

مساء الخير

http://www.youtube.com/watch?v=5PzL8aL6jtI&feature=related

هذا (لينك) لأغنية من الفيلم الأمريكي
Annie
الذي قام فؤاد المهندس بتمصيره في مسرحية جميلة جداً اسمها هالة حبيبتي..


المهم،

في ايرلندا، حين كنت في الصف الثالث الإعدادي (من زمان جداً) كنت أسمع بنات الصفوف الثانوية يتدربون على مسرحية المدرسة المقتبسة من هذا الفيلم.. و كانت هذه الأغنية هي إحدى الأغاني الرئيسية في العرض، فكنا نسمعها منهم ليل نهار بين جدران المدرسة العتيقة التي كانت سراي لأحد ملاك الأراضي في السابق ثم أصبحت مدرسة تابعة للدير المجاور.. كان لمدرستي هذا الطابع القديم و الدافئ.. كان يتردد عليها الرهبان و الراهبات، أكثر فئات المدرسة طيبة و رقة، كانت تزخر بآلات البيانو و صور السيدة العذراء، و المدرسات اللاتي كن طالبات بها منذ زمن بعيد، و كنا نقف جميعاً نصلي قبل بدء أي حصة، المسيحيات يصلين صلاتهن، و المسلمة تمتم بعض الأدعية.. و كانت المدرسة أيضاً مليئة بأساطير عن أشباح المالك المتوفي التي تظهر ليلاً و جريمة القتل التي ماتت فيها زوجته و كنا نحب الغرف التي كانت ماتزال تحتفظ ببعض من الأثاث القديم مثل المدفأة و اللوحات الباهتة و أرفف المكتبات الضخمة.. المهم، كنت أحب جداً هذه الأغنية حين أسمعها آتية مدوية من غرفة الموسيقى و كانت تبعث فيّ السعادة و أقوم بدندنتها طيلة النهار.. في الشتاء، قبل احتفالات عيد الميلاد الرائعة، بين أنوار الشجر المضيئة و زينة البيوت الحمراء، الهدايا الملفوفة، الأغاني التي ترن كالأجراس، الهرولة تحت المطر في أزقة هذه القرية الايرلندية الصغيرة، و البرد القارس الذي تركنا ملتفين في كل قطعة ملبس صوفية نتحصل عليها.. و لذا فلها ذكرى جميلة جداً عندي، و حين سمعتها اليوم فرحت كثيراً و وددت أن أنثر بعضاً من هذا الفرح و أشارككم اياها.. خصوصاً أن الأغنية نفسها تدعو إلى الأمل و التفاؤل ..

هذه هي ترجمتي المتواضعة للأغنية لمن يحب أن يلقي نظرة عليها

سوف تشرق الشمس غداً
أراهنك، فسيسطع النور
تفكيري في الغد يمحو كل الكآبة و الأسى
حتى يختفون تماماً
حين أكون متعثرة في يوم باهت و وحيد
أرفع رأسي و أبتسم و أغني
ستشرق الشمس غداً
عليك الإنتظار حتى غدٍ
أحبك.. أحبك أيها اليوم الآت
فالمسافة بيني و بينك دوماً
يوم واحد فقط


( عذراً، فلم أقم بترجمة شيء مشابه قبل ذلك ! )

أنار الله أيامكم بكل الفرح.. و الحب.. و التفاؤل..

تحياتي

ريم

الأحد، 7 فبراير 2010

عن ثقافة القراءة بين الأطفال ..






لطالما حلمت باليوم الذي يأتي فيه ابني بتلهف، ليحكي لي عن يومه في المدرسة..كما تحلم كل الفتيات.. كم حلمت به و بأمنيتي أن يصبح أجمل مني، و أن أحميه من كل ما عانيته، و أن أراه يحقق عملاً عظيماً، و يصبح له شأن كبير بين الناس.. و من بين أحلامي هناك حلم قد يضحكك أيها القارئ.. أراني جالسة في الليل منهكة من العمل، و من متاعب الحمل، أمسك بقصة للأطفال بين يدي، و أحكيها له كما لو أنه متيقظ بجانبي، بينما يداعب هو أغشية الرحم الرقيقة بأصابعه شبه المكوّنة، و يتنفس بداخلي، مني، وفيّ..

 ثم أراه و قد ولد و كبر، و يأتي من المدرسة بتلهف –لكن لا ليحك لي هذه المرة- بل ليجذبني من يدي نحو المكتبة، تتوق عيناه للكتب، و تغوص خيالاته في ألوانها المتعددة و أفكارها الكثيرة.. ثم يختار ما يريد و يأت لي به و يناولني ورقة ملونة صغيرة قائلاً "ها هو الكوبون يا أمي".. و اليوم سأروي لك حكاية الكوبون هذه عزيزي القارئ..



النظام التعليمي لدينا في مصر لا يحث على القراءة الحرة و لا يشجع الطلبة و خصوصاُ براعم المرحلة الإبتدائية على توسيع دائرة معارفهم، و جذبهم لمختلف صنوف الكتب.. دور المدرسة في تنمية هواية القراءة لدى الطلاب مهم جداً و حيوي و بإنعدامه تولد الكثير من المشكلات التي لن نخوض فيها الآن، و لن نخوض أيضاً في عيوب المنظومة التعليمية التي أظنها تحتاج لما يسمى بالـ "سوبر ثورة" . فنحن لدينا الحل البسيط و المبتكر ككل مرة: الكوبون!



يتم تصميم كوبون للأطفال بقيمة جنيه و نصف مثلاً، و يتم توزيع الكوبونات على أطفال المدارس. يمنحهم هذا القدرة على شراء كتاب أثناء فترة صلاحية الكوبون مع خصم جنيه و نصف من ثمن الكتاب الأصلي. سيشجعهم هذا على الشراء و سيذهبون إلى المكتبة و يختارون ما يحبون و يشترونه مع الخصم. و ستعجبهم الفكرة و يحبونها إذ أنهم سيشعرون بكيانهم و بأنهم كالكبار يشترون و يدفعون و أن هناك من يهتم بهم و بحياتهم و أفكارهم.. فسيرغبون بالذهاب إلى المكتبة مرة آخرى و هكذا مرة بعد مرة و كتاب تلو الآخر سيكبرون على حب القراءة و المعرفة. يتم تطبيق هذه الفكرة في أوروبا (و قيمة الكوبون حوالي يورو و نصف) و هي ناجحة جداً، أثناء الحملة تجد الأطفال في طوابير عند الركن المخصص لكتبهم و عند الدفع تجدهم يتذمرون أن الكوبون لا يصلح إلا لكتاب واحد و يتمنون لو كان بحوزتهم كوبون آخر و تنطلق من عيونهم البريئة نظرات الحقد لمن سنحت له الفرصة للحصول على أكثر من كوبون، و تجدهم مع ابهاتهم و أمهاتهم يحكون في حماس عن قصص قرأوها سابقاً أو عن شوقهم لقراءة الكتاب الجديد..



و أعدك، و هو وعد شرف، أن ابني –هنا في مصر- سيأتي من المدرسة في يوم من الأيان حاملاً معه الكوبون، و سنذهب للمكتبة سوياً و أرى اصدقائه الصغار هناك يشترون الكتب و أبتسم لنفسي و لغيري من أولياء الأمور نفرح لرؤية هذا الجيل المتفتح القارئ.. و ستصبح القراءة جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية.. فنقرأ أثناء الغداء في المطعم (إن كنت بمفردك بالطبع)، و نقرأ في قاعات الانتظار بالمطارات و الهيئات الحكومية و غيرها.. و نقرأ أثناء الرحلات الطويلة، أو حتى القصيرة.. فيصاحبنا الكتاب في كل مكان و كل وقت.. و لن يصبح الكتاب خير صديق، بل ستصبح نحن خير أصدقاء له..
 
ريم جهاد
مجلة كلمتنا - فبراير 2010
(المقال الخامس في سلسلة مقالات كلماوي مغترب)

نفتقد ثقافة الحب !

نفتقد ثقافة الحب !



يدق عيد الحب على أبوابنا كل عام.. تتورد وجوه الشوارع، تتلألأ بورود و هدايا حمراء.. قد تبدو لك جميلة، لكنها لا تفعل شيئاً سوى إبراز المزيد من القبح خلفها، أمامها و إلى جانبها. فنحن أصبحنا شعب لا يعرف أيا من معان الحب.. شعب يفتقد كل ثقافة الحب. مَن اليوم يثق في الآخر؟ و من اليوم يقدم خدمة إلا إذا كانت لديه مصلحة من ورائها؟ مَن منا يتعامل بحسن نية و صفاء نفس.. و مايخدش على دماغه! لأنه يكتشف أن جميع من حوله لا يتعاملون بحسن نية و صفاء نفس و إنما دوماً هناك دوافع و نوايا خفية و تكتيكات محسوبة !
 غابت البساطة و العطاء و حب الناس لما هم عليه. اليوم الجميع يترك ذكريات كره لدى الجميع، أنا و أنت و هم و كلنا. مَن اليوم عند دخول أي مكان يمسك الباب للشخص الداخل خلفه بدلاً من ترك الباب "يخبط في خلقته" و مَن من العاملين بالسوبر ماركت يخدمك دون أن يشعرك بالذل و المهانة؟ و كم فتاة اليوم لا تعمل ألف حساب قبل نزول الشارع ؟ و مَن منا اليوم لا يحاول إخفاء بعض الحقيقة أو كل الحقيقة من الآخرين ؟ حتى و إن كان أمراً طبيعياً.. بالمقاييس الطبيعية.. لكن مقاييسنا جميعاً اختلت!
 و مَن اليوم لا يرى على الأقل (على الأقل) شجاراً واحداً يومياً في الشارع أو مكان العمل أو الدراسة؟ و يسمع صراخا و سب و إهانة و عندما تكتشف أصل الأمر تجد أنه أبسط من هذا بكثير! أصبح لا يطيق أحدنا الآخر، نفذ صبرنا و تبخرت قوى حبنا و انعدم تقبلنا للآخر.. أي آخر، حتى و إن كان جارك. في صباح عيد من الأعياد نزلت لأصلي مع الجيران و أهل شارعنا، عندما انتيهنا التفتُ للسيدة التي كانت تصلي بجانبي أهم بالإبتسام و المعايدة لكنها لم تنظر إلا أمامها و لملمت السجادة و ذهبت دون كلام أو سلام. نظرت حولي فوجدت الأخت تعيّد على الأخت و الابنة تعيّد على الأم لكن ظلت جميع العلاقات الخارجية مبتورة و محظورة، و ما من امرأة تعيّد على آخرى لا تعرفها. تربينا أن صلاة العيد هي إجتماع نتبادل فيه الخير و الفرحة قبل أن يكون دعاء نقوله أو ركعتين نصليهم بدافع الواجب و العرف. ربانا الأهل دائماً أن الدين سلوك و نية و مشاعر و طريقة تعامل قبل أن يكون واجابات مقدسة علينا القيام بها، أن الإبتسام و الكلمة الطيبة و المساعدة و الزيارة و تطييب الخاطر و الهدوء و التروي و كظم الغيظ و قول الحق و الاجتماع على الخير كلها قيم تأتي في أولويات التعامل الإجتماعي و أن تاركها و الغافل عنها غافل عن الكثير في هذه الدنيا.
 لكننا لا نطبق هذا أبداً. نحن نعيش في حالة من الخوف و التوجس الدائم لكل البشر حولنا. إن وجدت شخصاً يقدم لك خدمة دون أي مقابل و دون أي داع تخاف منه و تقول أنه بالتأكيد هناك غرض خفيّ في نيته.. إن قمت بالركوب مع سائق في أي مواصلة و كان هادئاً و محترماً تصبح هذه نادرة من نوادرك تذكرها لكل من تعرف.. و إن كنت جالساً وحدك في مكان عام و أتى شخص ودود يجلس معك فقط على سبيل الدردشة العادية جداً تظن أن مختل عقلياً.. رغم أن الإختلال فينا.. و في عيد الحب نحن لا نذكر أي من هذا ولا ندرك سوى معنى واحد للحب.. و لن أكذب عليك إن قلت لك أن حتى هذا النوع من الحب فقد الكثير من رقيه و جماله و عذوبته.. ماتقوليش بوكيهات ورد و علب شيكولاتة و إبتسامة في عيون حبيبتك! هناك حب أرقى و أجمل يجمع الناس في قوة و ترابط.. نحن غافلون عنه.. مع أننا نحتاجه بشدة.

ريم جهاد
مجلة كلمتنا – فبراير 2010