الأحد، 20 فبراير 2011

غادة عبد العال: الفزع الذي أصاب الناس مع مسلسل (عايزة أتجوز) مقصود!



 غادة عبد العال: الفزع الذي أصاب الناس مع مسلسل (عايزة أتجوز)  مقصود !



حوار: ريم جهاد

غادة عبد العال، صاحبة مدونة و كتاب و مسلسل (عايزة أتجوز)، شابة مصرية تدهشك بحسها الساخر منذ تبدأ الحديث معها و جرأتها البسيطة العفوية و إنفعالاتها الواضحة التي تعلو و تنخفض مع إختلاف كلامها و أفكارها. عن رحلة (عايزة أتجوز) بمختلف أوجهها كان لنا مع غادة عبد العال هذا الحوار..

بداية نريد أن نقترب أكثر من شخصية غادة عبد العال..
أنا خريجة عام 2000، درست بكلية الصيدلة في جامعة طنطا، و أعمل في مستشفى في المحلة الكبرى.

منذ متى بدأت الكتابة؟ هل هي هواية دائمة لديك؟
في سني الصغيرة كنت أحب القراءة و لم أكن أكتب كثيراً. عندما تعرفت على الانترنت بدأت أكتب في المنتديات و المواقع التي تنشر مواضيع مختلفة و تستقبل تعليقات من القراء. قبل مدونة ( عايزة اتجوز) بدأت في يونيو 2006 مدونة بإسم (سوسة المفروسة) و في أغسطس 2006 بدأت (عايزة أتجوز) و هكذا بدأت الكتابة مع ظهور المدونات و ليس من صغري.

 و ماذا كان الدافع الرئيسي وراء إنشاء مدونة تتحدث عن مشاكل الزواج في مصر؟
لم أكن أكتب عن مشاكل الزواج في مصر، أنا كان عندي مدونة و كنت أفضفض فيها. لم يكن عندي رسالة معينة.

لكن أغلب ما كتبته متعلق بمشاكل البنات مع الزواج؟
نعم، لكن الحكاية لم تبدأ هكذا، فأنا كنت في البداية أريد أن أفضفض مع الناس فقط. لم يخطر لي أني أتحدث عن الزواج في مصر أو البنات في مصر، كنت أكتب عن نفسي. أنا لست مصلحة إجتماعية أو خريجة قسم علم نفس لأناقش مشكلة معينة، كنت أحكي عن تجاربي الشخصية.

ما هو رأيك في مصطلح "ثقافة المدونات"؟ هل هناك فعلاً عالم خاص بالمدونات له ثقافته الخاصة؟
أرى أن المدونات كانت مرحلة و بدأت تنتهي حالياً. لم يعد للمدونات تأثير كما كان من قبل. كانت في البداية تميل إلى الإتجاه السياسي، ثم بدأنا نستخدمها كنوع من أنواع الفضفضة ثم استخدمها البعض بشكل أدبي ثم بدأت حركة إهتمام دور النشر بكتابات الشباب الجديدة فبدأ الشباب يتجهون ليصبحوا أكثر حرفية و تراجع نشاط المدونات و تأثيرها. لكن المدونات أعطت مساحة للناس ليتكلموا و هو شيء لم يكن موجود فنحن ممنوعين من الحديث في الجامعات عن السياسة مثلاً لكن المدونات أتاحت هذه الفرصة. بالنسبة لي فجامعتي كانت في الأقاليم و لم يكن هناك نشاط ثقافي لكن مع المدونات استطعت الكتابة و توصيل ما أكتبه للناس ليقرأونه.

لماذا استخدمتي هذا النوع من العامية في الكتابة؟ و هي عامية مليئة بالإنفعال و الإفيهات؟ لماذا لم تكتبي بالفصحى البسيطة مثلاً؟
و لماذا لا أكتب بالعامية؟ تأتيني بعض التعليقات على المقالات التي أكتبها في جريدة الشروق تقول أن هذه لغة مبتذلة. لو يسمي أحد العامية لغة مبتذلة فهو إنسان مبتذل لأني لا اعتقد أن أحداً يتحدث الفصحى في بيته. في المدونة كتبت بالعامية لأني لا أكتب "من فوق" بل أتحدث مع أصدقائي ولا أعتقد أن أحداً يحدث أصحابه بالفصحى البسيطة. و نحن دائماً نقول أن مصر لها دور ثقافي في المنطقة بأفلامها و مسرحياتها و أغانيها – و كلها بالعامية! فليس من المعقول أن نروج للعامية و نخجل منها بعد ذلك. ثم أننا طوال الوقت متقبلين الشعر بالعامية فما المشكلة أن يكون النثر أيضاً كذلك؟ ليس معنى أن أحداً لم يفعل ذلك هذا قبل أنه خطأ.

د. محمود الضبع في ندوة "الأدب البناتي" التي عقدت بنقابة الصحفيين بداية شهر يونيو الماضي عبر عن رأيه في كتابك قائلاً أن "لو بنات مصر بيفكروا بالطريقة دي يبقى احنا في كارثة!" لكن أستاذة هويدا صالح في نفس الندوة قالت أن المحكم الرئيسي هو القارئ.. ما تعقيبك على هذا؟
هناك "تريند" جميل في مصر اختفى من العالم كله و هو الكتاب الذين يكتبون ليقرأ لهم كتاب آخرون و ليس القراء و في النهاية يصل إليك الكتاب كقارئة لا تفهمي منه شيء. بالنسبة لي فموضوع استعراض العضلات اللغوية و استعراض العضلات الأبدية غير مناسب لنا اليوم لأننا في دولة نامية، دولة "منيلة بستين نيلة"، عندنا مليون مصيبة و أهم شيء هو أن نبدأ نتناقش في المشكلة لنصل لحل لكن لو مكثنا نتعالى على بعضنا البعض و نكتب بتعالي و نقول أن القراء لا يفهمون فلن نصل لشيء. من لديه فكرة يريد أن يوصلها للناس فليوصلها بالطريقة التي تصل فعلاً إليهم.

في رأيك ما هي مشكلة الرئيسية التي أدت إلى ارتفاع نسبة تأخر سن الزواج في مصر؟
لا يوجد مشكلة ولا يوجد شيء اسمه ارتفاع سن الزواج. كنت مدعوة في الجامعة الأمريكية من قبل د. حنان خلوصي في (كورس) اسمه "مشكلة الزواج في مصر" و كنا نناقش أزمة الزواج في مصر في القرن التاسع عشر! فنحن عندنا دائماً الإيحاء أن هناك مشكلة في الزواج طالما يوجد بنات لم يتزوجوا بعد. في الماضي كانت المشكلة أن البنات لم يتزوجوا في سن 13 عاماً، ثم ارتفع ذلك إلى 18 و اليوم أصبح 30. فالمشكلة في الزواج ليست في ارتفاع سن الزواج و إنما في أشياء آخرى مثل المشكلة الإقتصادية الواضحة لكل الناس. لكننا لا نرى هذا و نظل نلوم الفتاة على أنها وصلت لسن معين دون أن تحصل على زوج، و هذا التعامل يؤثر عليها بالسلب.

العنوان (عايزة اتجوز) هل يعني أنك تريدين التخلص من ضغط المجتمع أم أنك تريدين تحدي المجتمع و الزواج و لكن برؤيتك الخاصة؟
من كثرة رفض البنت للمتقدمين يقول الناس أنها لا تريد الزواج و لكن أنا أقول أني أريد ان أتزوج و لكن بشكل صحيح. لا أريد أن أتزوج مجرد رجل لإرضاء حاجة بيولوجية أو عرف إجتماعي و لكن لأني أريد أن يشاركني هذا الشخص بالذات حياتي. فيجب على الاثنين أن يتزوجوا و هم يعرفون بعضهم البعض. يجب أن يكون هناك إختيار و يجب أن يكون لدى الفتاة شيء معين تبحث عنه و هذا ليس عيب.

ناقشتي أهمية أن يكون للمرأة شخصيتها و كيانها المستقل إلى جانب حياتها مع خطيبها أو زوجها لكننا نجد نفس
هذه الفتاة المثقفة المستقلة في كتاباتك مستعدة للحصول على العريس في الميكروباص أو على الانترنت أو من الشباك؟!
أولاً هناك في الكتاب جزئين: جزء تتحدث فيه غادة عن أفكارها و جزء تتحدث فيه "برايد" و هي الشخصية التي يتقدم لها العرسان المختلفين و هو الجزء الذي تحول إلى مسلسل و فيه أنا لا أقول أن ما يحدث صحيح أو مقبول و لكني أقول أنه يحدث. فهذا ما حصل للفتاة الطموحة عندما جعلها المجتمع دون قيمة حتى تتزوج فأصبح عندها استعداد أن تفعل أي شيء لتتزوج و أصيبت بهيستيريا الزواج. و مع ذلك لو هي فتاة تريد الزواج و السلام، لكانت فعلت هذا من الحلقة الأولى و لكنها ترفض لأنها غير مستعدة أن ترمي نفسها لأي رجل.

احكِ لنا عن حكاية ترجمة كتابك..
الكتاب ترجم إلى الإيطالية و الألمانية و الإنجليزية و الهولندية.

ألم تخافي أنه بسبب طابعه المصري الساخر ربما لن يستوعبه القراء الغربيون و يأخذون فكرة غير واضحة و سليمة عن بنات مصر؟
لم أخف لدرجة ألا يظهر أن الموضوع ساخر لأنه ظاهر جداً أنه ساخر. عندما ذهبت إلى إيطاليا و قرأنا الكتاب هناك كان الناس يضحكون فاهمين أنها كتابة ساخرة.


  كيف تحول الكتاب إلى مسلسل؟

عندما نشر الكتاب كان لدى دار الشروق فكرة إنشاء فرع للإنتاج الإعلامي و أحبوا البدء بكتابي. و كنت قد درست سيناريو فكتبت سيناريو المسلسل.

- ما هي أهم الفروق بين المسلسل و الكتاب؟
المسلسل يصور جزء "برايد" من الكتاب و كان الهدف هو إبراز النموذج السلبي ليفيق الناس.

إذن فالفزع الذي أصابنا كان مقصوداً؟
بالطبع كان مقصوداً! كان يجب أن يشعر الناس بالفزع و كان يجب أن يسألوا أنفسهم: ايه ده؟ احنا ازاي بنعمل في بناتنا كده؟ 

لكن رأي البعض أن المسلسل كان "أوفر قوي"؟
الكوميديا تحتاج إلى "أفورة". هناك اتجاه جديد في الكوميديا منتشر خارج مصر يعتمد على المبالغة و التضخيم و موضوع التأخر في الزواج موضوع قاسي لا يمكننا تناوله بشكل جاد كما أننا عندما نعالج الموضوع بشكل كوميدي يمكننا الوصول إلى الكثير من الناس. بمعنى أن حالة النقاش التي حدثت بعد (عايزة اتجوز) لم تحدث بعد (بنتين في مصر) أو مسلسل الفنانة إلهام شاهين (نعم مازلت آنسة) الذي كان يعرض في نفس الوقت. هناك الكثيرون لن يتحملوا مشاهدة هذا الموضوع في صيغة درامية لكن الكوميديا تضحكهم و تجعلهم يفكرون بعدها. أما عن "الأفورة" فسن البطلة و ظروفها و الضغط عليها تضعها في حالة الهيستيريا التي شاهدناها.

- إلى أي مدى تعكس الحكايات في الكتاب الواقع المصري؟
هناك حكايات خاصة بي، و حكايات خاصة بصديقاتي و آخرى ألتقطها مما ألاحظه حولي و أبني عليه الحكاية.

أيهما تفضلين؟ الكتاب أم المسلسل؟ 
كلهم أولادي!

ما هي أحب حلقات المسلسل إليك؟
أحب حلقة نضال الشافعي عندما كان العريس متعدد الشخصيات، كما أحب حلقة أحمد السقا و أحمد رزق.

بالنسبة لغادة عبد العال ما هي مواصفات العريس المثالي؟

 ربما الشيء الذي ينقص في غالبية الذين قابلتهم هو قوة الشخصية. كما أني أريد شخصاُ يريد أن يتزوجني لأجلي، لأجل غادة، و ليس لاني مجرد امرأة مناسبة للزواج.

و كيف تكون هي العروس المناسبة للشباب في مصر حالياً؟

المشكلة أن الشباب لا يعرفون من هي الفتاة المناسبة لهم. قد تكون زميلته في العمل زي الفل لكنه يذهب يطلب من والدته أن تبحث له عن عروس. فهم يتبعون مقولة "نحن على دين آبائنا" فيفعلون ما فعله الجيل السابق و هذا خطأ لأننا جيل مختلف في عصر مختلف و ظروف مختلفة.

هل ترين أن سبب جرأة العلاقات بين الشباب و البنات اليوم إحدى أسباب هذه المشكلة؟

لو كل شاب لم يحترم نفسه مع عشر بنات أين سيجد بنات محترمة بعد ذلك؟ فليحترم نفسه هو أولاً. ثانياً المشكلة الآخرى هي الهلع الذي يخلقه المجتمع عندما تتعرف بنت على شاب و هذا سببه أنه لا يوجد أماكن كثيرة أو ظروف محترمة و مقبولة يتعرف فيها الشاب على الفتاة. عندي في المحلة مثلاً لا يوجد نادي أو مراكز ثقافية أو مكتبات فلا يوجد مكان محترم يلتقي فيه الاثنين و تصبح البنت بالنسبة للشاب كائن وجهول منذ الصف الأول الإعدادي و يأخذن البنات فكرة أن كل الأولاد ذئاب أو "بيتسلوا" بها بسبب هذا الفصل بينهم. هناك طرق كثيرة لخلق مناخ محترم غير مبدأ الفصل بين الجنسين في الدراسة، لابد أن نصل لمرحلة أن يكون هناك اختلاط محترم دون أن نقلق من حدوث شيء محرم.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟  

حالياً أبدأ كتابي الثاني و أعمل على فكرة سيناريو فيلم. كنت في الولايات المتحدة أشارك في برنامج في جامعة آيوا بعنوان
International Writer Program
لمدة ثلاثة شهور. كنا 38 كاتب من 32 دولة كتبنا و قرأنا الكثير و ناقشنا أعمال بعضنا البعض، فأنا عدت لتوي و أبدأ حالياً حملات طرق الأبواب على سيناريوهات الأفلام.



نشر بمجلة
AUC Times
الصادرة بالجامعة الأمريكية في القاهرة
عدد 18 ديسمبر 2010