الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

كل الأدلة ضدها.. فهي مثقفة وموهوبة وساخرة!








هذا ما قاله عنها الكاتب محمد بهجت الذي وصف رسامة الكاريكاتير الشابة رشا مهدي بـ "فنانة كاريكاتيرية مع سبق الإصرار و الترصد" و يضيف الفنان طوغان أن لدى رشا رغبة حقيقة في تقديم شيء ذي قيمة سامية للناس يحترم به عقولهم و إنسانيتهم..

تخرجت رشا في كلية الفنون الجميلة، قسم جرافيك، عام 1999. عملت كمصممة جرافيك و رسامة كاريكاتير لتظهر رسوماتها بالأهرام و كل الناس و اضحك للدنيا و هو و هي و العديد من المواقع الالكترونية. و تعد رشا أول رسامة كاريكاتير مصرية..

و لنقترب أكثر من عالمها الثري و نكتشف ما وراء ريشاتها و ألوانها كان لنا معها هذا الحوار..



ما الذي جذبك إلى فن الكاريكاتير و كيف بدأ اهتمامك به؟



من صغري أهوى الرسم و أحب الألوان و عندما دخلت كلية الفنون الجميلة زاد اهتمامي بالمجال و أصقلت موهبتي بالدراسة.



و من أكثر من تأثرت بهم في فن الكاريكاتير؟



الكثير، من بينهم أمية جحا، الرسامة الفلسطينية و التي تعتبر رائدة الرسامات في الوطن العربي، كما تأثرت بعلي فرزات الرسام السوري و محمود كحيل.



من النادر استخدامك للكلمات في رسوماتك.. لماذا ؟



أحب مدرسة "بدون تعليق" أو "المدرسة الأوروبية الشرقية" و هي الأقل شيوعاً في مصر حيث نجد كاريكاتير النكتة و الكاريكاتير الذي يحتوي على التعليق. جذبتني هذه المدرسة لأنها تعتمد على الرمز و لأن فن الكاريكاتير هو فن الرسم و الألوان و ليس الكلمات، فكلما زاد الكلام قلت جودة الرسم.. و الرسم مش محتاج ترجمة، بإمكان كل الجنسيات المختلفة الإجتماع عليه، لذلك فمدرسة بدون تعليق هي التي تشارك في مسابقات و مهرجانات لأنها تجمع الشعوب و تخاطبهم بلغة إنسانية واحدة..



هل بإمكان الرسام في رأيك تقديم حلاً لوضع معين من خلال الكاريكاتير أم هل يقتصر دوره على الإيضاح أو النقد ؟



هناك رسام قام بدراسة أتى فيها برسومات الكاريكاتير من سنة 1948 حتى اليوم و بدأ يحذف رسومات 48 و يضع مكانها الرسومات الحالية فوجدها "لايقة على بعض" فالرسوم من يومها هي نفسها التي تُعرض. فإن كان دور الرسام يتوقف على أنه يستيقظ في الصباح يقرأ الأخبار و يسخر منها فهنا خطأ كبير لأنه بالتالي يحبس فكره و يكرر نفسه، يجب أن يحاول الرسام بقدر الإمكان أن يتبنى فكرة معينة في رسوماته، يدعم مشروع أو يبدأ حملة مهمة و هكذا..



إذن حدثينا عن حملة الرسوم الكرتونية المناصرة للرسول محمد عليه الصلاة و السلام؟



عرضت هذه المبادرة في الأردن، أجلت بسبب مشاكل في التنظيم و الدعم و لكنها ستدخل طور التنفيذ قريباً. هي ليست فكرتي وحدي بل بعد ظهور الرسوم الدانماركية المسيئة أراد عدة رسامون عرب القيام بالفكرة، نريد أن ننتج رسوم تُظهر من هو محمد لأن من رسم الكاريكاتيرات المسيئة يجهل الدين الإسلامي و يجهل شخص محمد، نريد أن نبرز الجوانب السامية في رسولنا و في الإسلام.. حاولت تنفيذ هذا عبر تصوير الأحاديث النبوية الشريفة في هيئة رسومات كاريكاتير و كل فنان مشارك له طريقة معينة في الرد و التعبير، كما نحاول أيضاً إنتاج أفلام كرتونية قصيرة تُظهر القيم الإسلامية. و ننوي إن شاء الله أن نقيم معرض في الدول الأوروبية يضم هذه الأعمال.



هل كان لك معارض خاصة سابقاً ؟



أول معرض لي كان مع الرسامة السعودية هناء الحجار أقيم في الكويت تبع مؤتمر الفكر السنوي برعاية الملك فيصل آل سعود.. و كان لي معرض بساقية الصاوي يتناول المرأة العربية كما شاركت في معارض آخرى.



و ماذا عن العرض الالكتروني ؟



لي أرشيف في موقع مكتوب و على الموقع الخاص بي.. و ميزة الانترنت هي أن الرسوم تُعرض على عدد كبير جداً من الناس في كل مكان و يكون الرسام على تواصل مباشر مع المتلقي مما يساعده على التطوير و التجديد و مراعاة الجانب الآخر.



مجال الكاريكاتير هو مجال ذكوري جداً، ليس عربياً فقط و إنما عالمياً أيضاً، ما السبب وراء ذلك في رأيك؟



لا استطيع تحديد سبب معين.. المرأة بطبيعتها ساخرة و هذه روح الكاريكاتير، و لكن أظن أن مهنة الكاريكاتير لا تأخذ حقها، و لا يوجد وعي كاف بها، عندما يعمل الرسام بجريدة معينة فهو يوضع في قالب هذه الجريدة، إن كانت قومية أو معارضة مثلاً، و هذا يقيد حرية تعبيره. كنت في ملتقى الإعلاميين الشباب العرب بدورته الثانية في الأردن و وجدنا أنه يجب أن يكون الرسام نفسه صاحب المؤسسة الإعلامية ليستطيع التعبير بحرية عن وجهة نظره التي قد لا تتبع أي توجه أو فكر آخر.. فإذا كان هذا هو حال المهنة و هي مهنة ذكورية فما بالك عندما يدخلها النساء، و نحن نعيش في مجتمعات تُربينا على أن الفتاة التي تعبر عن رأيها و تنقد الأوضاع هي جريئة زيادة عن اللزوم أو "تخوِّف" و لا نعطيها فرصتها ؟



أنشأتِ أول رابطة لرسامات الكاريكاتير العرب.. حدثينا عنها ؟



حاولت أن أجمع رسامات الكاريكاتير في مصر و الدول العربية خصوصاً بعد ظهور العديد منهم مثل دعاء العدل و سماح فاروق في مصر. فأنشأت الرابطة لنستطيع التواصل سوياً و ليكون لنا كيان واحد فيعرف الناس بوجودنا و فننا، و انضم للرابطة فنانات من السعودية و المغرب و الكويت و البحرين..



أول كاريكاتير عُرض لك.. فاكراه؟



أول كاريكاتير عُرض لي كان في جريدة الأهرام سنة 2002 .. مش فاكراه قوي، لكنه كان عن الكوسا في البلد، كانت الفكرة فيه إن واحد فلاح عايز يشتغل فبيقول أنا هاخد كوسا معايا عشان الاقي شغل!



لو صورتي حال الشباب في مصر حالياً بالكاريكاتير.. ماذا يمكن أن ترسمي؟



رسمت كاريكاتير منذ فترة صورت فيه شاب رأسه عبارة عن أسهم تخرج يميناً و يساراً و في كل اتجاه و كان في حالة من الحيرة. إن لم يوجهه من هم أكبر منه و أظهروا له الصواب من الخطأ و قدموا له مثال و قدوة و حموه فسيضيع هذا الشاب، لأن في هذه الفترة يبدأ الشاب يرى كل شيء، يبحث عن الحقيقة و يبحث عن العلم و العمل و المبادئ و هذه مسئولية الكبار.. و كان هناك كاريكاتير آخر رسمت فيه شباب يرتدون "تي شيرتات و جينزات كلها جديدة و موضة" و لكن وجوههم و أجسادهم حزينة و عجوزة – الشباب حالياً طاقتهم مُعطلة، مكتومة، و لذلك فكل من في مكان مسئول و عنده ضمير يجب عليه إفادة هؤلاء الشباب و استثمار طاقاتهم المهدرة.. لأن كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته..



و ماذا عن طموحاتمك للمستقبل ؟



معرض الرسوم المناصرة للرسول من أحلامي.. كما أتمنى دوماً أن أنفع الناس بفن الكاريكاتير و استخدمه للحق و الخير..






ريم جهاد
نُشر بمجلة كلمتنا، عدد شهر أغسطس 2010



* * * * *



لزيارة موقع رشا مهدي:
http://www.rashamahdi.com



الخميس، 5 أغسطس 2010

حسام مصطفى إبراهيم: أكتب لأسترد حريتي





حسام مصطفى إبراهيم الكاتب الشاب صاحب "يوميات مدرس في الأرياف" التي نالت إقبال كبير من القراء في العام الأخير يطل علينا في هذا الحوار لنتعرف أكثر على حكاياته في الأرياف و كتاباته الأخرى التي تتنوع في مضمونها و أسلوبها من الساخر إلى النقدي.. إلى الإنساني..


* متى بدأت الكتابة؟

كنت أكتب منذ الابتدائية، وأول ما نُشر لي، قصة قصيرة بمجلة الهلال، وفي الجامعة، طبعتُ مع صديقين –على حسابنا- كتابًا قصصيًا اسمه "وريقات من دفاتر الحب والثلج"، واشتراه الأهل وذوو القلوب الرحيمة لتشجيعنا!


* تكتب كتباً ساخرة، كتب إنسانية إجتماعية، كتب نقدية\بحثية.. أين أنت منها جميعاً؟ و أيٌّ مِن كتاباتك يُمثّل حقيقتك؟

أنا مجموع كل ما أكتب، فكل نوع أمارسه يُشبع جزءًا مني، فالساخر يساعدني على إخراج الكبت الذي أشعر به تجاه المفاهيم المغلوطة والأحداث المستفزة، والاجتماعي يجعلني أكتشف نفسي وأُنقّح رؤيتي للحياة، والنقدي يمنحني الفرصة لعقد مقارنات بين أطياف مختلفة من الأفكار.

* ماذا تمثّل لك الكتابة؟

الكتابة مثلها مثل العرق والدموع، إفراز طبيعي، لا يملك الكاتب الوقوف أمامه، أو منعه، والأمر يشبه الكوب الذي امتلأ لآخره، ففاض الماء على جانبيه، فأنا أكتب لأسترد حريتي، ولأكتشف الجمال الكامن في كل ما حولي، ولأكون مع أو ضد، ولأستجيب لأمر الله سبحانه وتعالى بالاستخلاف في الأرض.

* إلى أي مدى يمكن للكاتب إدخال تجاربه الشخصية فيما يكتب؟

أي تجربة شخصية يرصدها الكاتب، هناك آخرون مروا بها، فالحدود بين ما هو شخصي وعام، واهية للغاية، كما أن الكاتب يكون أكثر صدقا عندما يتحدث عما عايشه، والأهم في الكتابة على الإطلاق..أن تكون معبّرة وكاشفة، بصرف النظر عن مصدرها، أو منبعها.

* حدثنا عن "يوميات مدرس في الأرياف"الأكثر انتشارا بين كتبك..

يوميات مدرس "ابني البكري"، وأول اكتمال لي بين دفتي كتاب، وتسجيل حيّ لفترة مهمة من حياتي، قرّبتني أكثر من واقع التعليم المصري، وهو ما حدا بأستاذي إبراهيم عبد المجيد –في أحد مقالاته- لنُصح وزير التربية والتعليم بتوفير زياراته للمدارس، وقراءة كتابي، للتعرف إلى حال التعليم.

* في "يوميات مدرس في الأرياف" يأخذ عليك البعض المبالغة في تصوير الأحداث بالكتاب مثل غباء الطلبة على سبيل المثال، فما تعقيبك على هذا؟

رسام الكاريكاتير عندما يرسم الأنف ضخمة، إنما يجسّم العيوب لحيلة فنية، وهي لفت الانتباه إليها، وهو نفس ما فعلته، فبالغت في بعض المناطق، لأبرزها، سعيًا وراء توريط القارئ في محاولة حلها، كما أن الكتاب ليس سجلا اجتماعيًا أو كتاب تاريخ، وإنما كتاب ساخر، يستند إلى "بعض" الوقائع الحقيقية، والكتابة الساخرة أساسها المبالغة، والتقاط العيوب والنواقص وعدم التستر عليها.

* هل هناك فيلم سينمائي يُعدّ عن اليوميات؟

بعد أن قرأ الأستاذ بلال فضل كتابي، أعجبه للغاية، وقرر تحويله لفيلم سينمائي، لكن انشغاله الشديد حال دون ذلك بالسرعة الكافية، حتى قدّم يوسف معاطي فيلمه "مبروك أبو العلمين" الذي رأى البعض أن بينه وبين كتابي تشابهًا واضحا، خاصة وقد ظهر للوجود بعد كتابي، وهو ما أجهض فكرة الفيلم للأسف!!!

* قدّم كتابٌ كبار كتبك، فإلى أي مدى من المهم وجود اسم كاتب كبير على أغلفة كتب الشباب؟

هذه ليست ظاهرة جديدة، وإنما سُنّة اتبعها كبار الكتاب، وهي لفتة تقدير من الكاتب الكبير للكاتب الشاب، ومحاولة للفت الانتباه له، لكن التقديم لن يُقدّم أو يُؤخّر إذا كان المحتوى دون المستوى، وهي مسئولية الكاتب الكبير الذي يجب ألا يضع اسمه إلا على كتاب يستحق.

* من تشكر بعد نجاحك اليوم في عالم الكتابة؟

بعد الله سبحانه وتعالى، هناك والدي رحمه الله سبحانه وتعالى، الذي أدين له بكل ما وصلت وسوف أصل إليه، لأنه احترم إنسانيتي صغيرًا، وصنع مني ما أنا عليه الآن، ووالدتي التي أتمّ الله نعمته عليّ بها، وزوجتي التي تحملتني كثيرا، ودعمتني في الأيام الصعبة، وصديقي محمد هشام عبيه جداري العازل ضد المشاكل والأزمات.


حوار: ريم جهاد - مجلة كلمتنا - يوليو 2010.