الثلاثاء، 21 يونيو 2011

وفاتت المغربية..



غنى عبد الحليم الحافظ (موال النهار) في أعقاب هزيمة 1967، غنى حزيناً على بلاده الصبية الجميلة.. الذي جاءها نهار لم يقدر على دفع مهرها.. وغاب منكسراً خلف ظلال المغربية التي نزلت تسكن الدنيا بعد النكسة.. غنى حزيناً على سقوط الوطن الذي شدا قبل ذلك من أجله "بالأحضان يا مصانع، يا مزارع.. بالأحضان يا حصاد الثورة، يا حلم وعلم.." (أغنية "بالأحضان"، كلمات صلاح جاهين، ألحان كمال الطويل، عام 1961).. واليوم، في ذكرى ميلاد العندليب الثانية والثمانين، يرن موال النهار وحده في أذني، يسكنني بألحانه التي تمس أوتار القلب، تدق حجرات الذكريات، يصاحبني بكلماته الحزينة، العذبة، التي ترفض الإنهيار، وتعد بالأمل..


(موال النهار) من تأليف الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، الذي كتب مجموعة من الأغنيات الحماسية غناها عبد الحليم من مبنى الإذاعة والتلفزيون أثناء حرب 1967 مثل "ابنك يقول لك يا بطل"، و"اضرب.. اضرب"، وعندما أذيع خبر الهزيمة كتب الأبنودي "عدى النهار"، ويقال إنه ألفها في حضور عبد الحليم، وعندما وصل إلى عبارة "أبو النجوم الدبلانين" توقف حائراً فاقترح عليه عبد الحليم أن يكتب بعدها "أبو الغناوي المجروحين" واستكمل الأبنودي تأليف الأغنية التي لحنها بليغ حمدي، وغناها عبد الحليم بعد ذلك في الاستوديو يستهلها في هدوء بالكلمات الشهيرة "عدى النهار.. والمغربية جاية.."

تذكرتها اليوم في ذكرى ميلاد العندليب.. فقد فاتت المغربية.. فاتت المغربية الطويلة جداً، التي ماتت خيوط ضوئها الخافت على مر السنين، وتركتنا في ظلام دامس ظننا أننا لن نخرج منه أبداً.. ثم هلّ الفجر المنتظر مع ثورة الخامس والعشرين من يناير، ومصر اليوم تولد من جديد – وإن كانت ولادة طويلة، متعسرة بعض الشيء، ولا نعرف كيف سيكون المولود، أو متى سيخرج لينير الدنيا أخيراً، وماذا سيفعل بنا – لكن الكثير منا يشعر أن مجيئه أمر جدير بالأمل والتفاؤل، والكثير من العمل..

وبلدنا اليوم.. كما تمناها حليم والأبنودي وبليغ حمدي..

تحلم ببكرا.. واللي هيجيبه معاه.. تنده عليه في الضلمة.. وبتسمع نداه.. تصحى له من قبل الأدان.. تروح تقابله في الغيطان.. في المصانع والمعامل.. والمدارس والساحات..

كل الدروب واخدة بلدنا للنهار.. واحنا بلدنا للنهار.. بتحب موال النهار.. لما يعدي في الدروب.. ويغني قدام كل دار..

هناك تعليقان (2):

Mariam يقول...

جميلة، ثرية، ممتعة للقراءة..فيها جمعتي الإحساس الشخصي بالموقف العام الذي ينطبق علينا جميعاً..
you'll be someone one day:) bravo!

غير معرف يقول...

شكراً يا مريم
مبسوطة إنها عجبتك :))