الخميس، 23 يونيو 2011

عمرو أديب وعبد الرحمن يوسف.. ما لهم وما عليهم


شاهد الكثيرون حلقة الأمس من برنامج (القاهرة اليوم) الذي يقدمه عمرو أديب ومصطفى الشردي، وانتشرت هذه الحلقة اليوم على الانترنت تحت عنوان "عمرو أديب يطرد الشاعر عبد الرحمن يوسف على الهواء" وأردت أن أكتب اليوم عن هذا الموضوع الذي أظن أن الخطأ فيه جاء من الطرفين: المذيعين والضيف.

(لمن لم يشاهد الفقرة بإمكانه مشاهدة الفيديو أعلاه، وهذا هو بيان عبد الرحمن يوسف الخاص بالواقعة)

عبد الرحمن يوسف

البيان الذي أصدره عبد الرحمن يوسف اليوم لا يُكذب بالضرورة المعلومات الواردة في التقرير بل يُعلق على بعض تفاصيلها وهو ما كان بإمكان الشاعر أن يفعله على الهواء بكل بساطة، وأن يعبر عن استيائه ولكن بأسلوب أفضل من ذلك! بدلاً من وصف رئيس البرنامج بالكاذب، وقوله "لو المعدين بتوعكم عندهم مشكلة، أنا عندي استعداد أعلمهم يعدوا ازاي"، كما أنه كان سيعلن موقفه أمام الجميع، وينتقد البرنامج أمام الجميع أيضاً إن كان ذلك ما يريده! لكنه لا دافع عن رؤيته، ولا صحح المعلومات التي يزعم أنها خاطئة، بل ربما - إن كان ما يتردد أن ما حدث من قبل عمرو أديب مقصود - هو حقق لمن يريد إغضابه الغرض الذي انتظره! 


عمرو أديب ومصطفى الشردي:

استغربت جداً أن أحداً لم يسأل الضيف عن وجه إعتراضه على التقرير، على الأقل لإحتواء الموقف؟ كيف لا يسألون الضيف "أين الخطأ الوارد في التقرير؟" أو "ما الذي لا يمثلك فيه؟" واستمروا في الدفاع عن البرنامج فقط.. 

واللطيف هو أن مصطفى الشردي يدافع عن المعد الذي اقتبس معلوماته من "ويكيبيديا".. فعلاً؟ ويكيبيديا؟!! أي إعلامي مبتدئ (لسه أبيض يا ورد)، طب بلاش، أي مستخدم للانترنت يعلم جيداً أن "ويكيبيديا" لا تعتبر مصدراً موثوق فيه ويعتمد عليه، وهذا ببساطة لأنه يمكن لأي شخص لديه حساب على موقع ويكيبيديا أن يعدل المقالات المنشورة أو يكتبها بمفرده دون ذكر المصادر، وبالتالي فمستوى الدقة المطلوب ليس موجوداً.. ناهيك عن أمانة وصدق التفاصيل! فبغض النظر عما إذا كانت المعلومات الواردة في تقرير البرنامج/صفحة ويكيبيديا حقيقية أو كاذبة، فلا يجدر أبداً أن يظهر إعلامي مثل مصطفى الشردي أوعمرو أديب يدافع عن المعد الذي استخدم "ويكيبيديا" وكأنها الموسوعة البريطانية أو القرآن المنزل من السماوات.. أظن أن هذه نقطة تحسب ضد البرنامج أكثر منها دفاع عنه!  

(وعن هذا الأمر فصفحة الإعلامية ريم ماجد على ويكيبيديا تذكر أن اسمها بالكامل هو "ريم ماجد ألفريد" وهو أمر غير صحيح! فاسمها الحقيقي "ريم ماجد فوزي السيد" وهو ما ذكرته في حوار لها بمجلة كلمتنا.. كما تذكر إحدى الصفحات المرتبطة بالمطرب عبد الحليم حافظ أن أغنية "راية العرب" من تأليف عبد الرحمن الأبنودي، والحقيقة هي أنها من تأليف صلاح جاهين!.. وغيرها الكثير من الأخطاء والتفاصيل غير الدقيقة الواردة في هذه "الموسوعة")

ولا أعرف إن كان المعد استخدم موقع الشاعر عبد الرحمن يوسف، لكني قمت بكتابة اسم "عبد الرحمن يوسف" في محرك البحث جوجل وكان أول شيء ظهر لي هو موقع الشاعر.. الذي اشتكى في البرنامج أن فريق الإعداد تجاهله. 

وإن كان عبد الرحمن يوسف انفعل جداً، وافتقر للباقة والمنطق في حديثه، بل وقال أن بإمكانه ترك البرنامج.. فلم يكن يصح أن يقول له عمرو أديب "خلاص ممكن تمشي"، بل ويعقب بعد أن ذهب قائلاً "ورقك هنا. هنبقى نبعتهولك!" 

وفي النهاية.. 

حالة الزخم والإنتفاح المهول التي اجتاحت مختلف الوسائل الإعلام المصرية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير.. وحالة "الإنتفاخ" التي أصابت بعض الإعلاميين وغيرهم.. تسببت في الرغبة بالتشبث بالحرية مهما كانت مستوياتها، وتسببت أيضاً في بعض الإرتباك، فكثيراً الآن ما نسمع المذيع على الهواء يردد كلمات "طبقاً للمهنية الصحفية" مثلاً، أو كثيراً ما نجده يحث الضيف "قول، قول كل حاجة، دلوقتي خلاص!" ويكون الضيف على علم بأسرار لا يمكنه الإدلاء بها على الهواء مباشرة، كالمرة التي تجاهل فيها الدكتور أحمد عكاشة، دكتور الطب النفسي، سؤالاً من لبنى عسل مقدمة (الحياة اليوم) عن أسماء مسئولي النظام السابق الذين زاروا عيادته للاستشارة، أو المرة التي استضاف فيها عمرو الليثي في برنامج (في الميدان) اللواء شفيق البنا، رئيس الإدارة المركزية لسكرتارية حسني مبارك سابقاً، والذي رفض ذكر التفاصيل رداً على سؤال من الليثي عن "مواقف سخيفة كانت تحدث داخل مقر الرئاسة" وكانت الإجابة العامة التي أدلى بها البنا هي أن جمال مبارك كثيراً ما اتصل برؤساء الدول الأخرى، وخاصة الدول العربية، ليطلب منهم "الهدايا."

الخلاصة.. ما حدث في برنامج (القاهرة اليوم) هو جزء هذه الحالة الإعلامية التي نعيشها، التي تتسم بالجرأة الزائدة أحياناً، وبمسايرة التيار أحياناً، وبالحرية المطلوبة أحياناً أخرى، وكثيراً ما يتخللها الإنفعال.. لكني أتمنى أنه عندما يأخذ كل شيء وقته نصل لنقطة الحرية المطلوبة وإلى الحالة المتزنة التي تجعل من وسائل الإعلام أدوات كاشفة للحقيقة مع الإلتزام بالدقة والأمانة والعدل والشمولية.. (والذكاء والثقافة والأدب!)    

ليست هناك تعليقات: